responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعائر الحسينية المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 2  صفحة : 164

الأوامر الإلهية لا تعتمد على الإكراه

وإذا التفتم إلى هذا الحل القانوني فهو ليس فقط في رأس الهرم، يعني في القائد العام وما شابه ذلك، بل هو في مجمل قوانين الباري تعالى، فالله تعالى له أوامر إلزامية، والالزام الإلهي لا يعني الإكراه؛ لأن الله خلق البشر مفطورين على الاختيار، لكن الباري يرشد البشر ويهديهم إلى أن طريق الربا والاحتكار واستعباد البشريوجب الظلم، والقمار يهدر الطاقات، والعبث يسبب الفساد المالي، ويسبب التفاوت الطبقي الفاحش، فيرشدهم إلى ترك المحرمات، و يبين نتائجها في النظام الاقتصادي والنظام الأخلاقي، الآن النظام الأخلاقي في الغرب يمر بأزمة بسبب تفكك الأسرة فالأم والأب عندهم ليسا مستعدين للتضحية بشهواتهما الجنسية من أجل تربية الأطفال، فلا يريدان تحمل مسئولية الأطفال، بسبب الإفراط في الإشباع الجنسي، والتمتع الشخصي والأنانية الفردية، ومن هنا برزت أزمة حقيقية في الإنجاب، وهذه المشكلة في كافة الدول الأوربية.

الملائمة بين المحظور الوضعي والاختيار

ما ذكرناه ينطبق حتى على صعيد التكاليف الشرعية الفردية مثل الصلاة والصوم وحرمة الفواحش والخمر، هذا التعيين الشرعي لا يعني الجبر والقسر والإكراه والتعسف والإرضاخ، ولكن طاعة البشر تكون تحت اختياره تكويناً، هو بينه وبين نفسه يطيع أو لا يطيع، هذا الأمر يرجع إليه في دار الدنيا، في ظل حقوقه الفردية دون التعدي على حقوق الآخرين؛ فالنية أمر قلبي، ولا يستطيع أحد أن يجبر الإنسان على نية الصلاة أو نية الصوم، وما شابه ذلك، فالإلزام الشرعي بمعنى التقنين التعييني، ولكن من دون قسر تكويني، بل بمحض إرادة وطواعية الإنسان، إن شاء يمتثل وإن شاء لا يمتثل، يقبل أو لا يقبل، يستجيب أو لا يستجيب، يتفاعل أو لا يتفاعل، يطيع أو لا يطيع، وهذا لا يقتصر على التشريع الاسلامي، بل حتى في التشريع الوضعي الذي يحتوي على محظورات اجتماعية وفردية، فعلى صعيد المحظورات الاجتماعية كانت نتائج استطلاع أجري في شهر رمضان في أحد البلدان الغربية- وأنا كنت مدعواً من قبل بعض المؤسسات الدينية هناك- فكان أحد أسئلة الاستبيان أنه لو وقع في يدك مال عام، وأطمأننت أنك في مأمن تام من أن يطلع أحد على أمرك، فماذا ستصنع في هذا المال؟ فقال نسبة عالية من الذين شملهم الاستطلاع:" نعم نأخذ هذا المال العام"، ونسبة قليلة قالت:" لا، نتجنب أخذه"، المقصود أنه حتى في النظام الوضعي هناك محظورات، وصحيح أن عندهم متابعة قانونية، ولكن المتابعة القانونية لا تستطيع أن تتابع كل شيء، فالوازع الوجداني والأخروي يختلف عن المتابعة القانونية، ونحن نطرح نفس التساؤل على النظام الوضعي فكيف يلائم بين شيء محظور وبين شيء يتم بمحض الاختيار.

اسم الکتاب : الشعائر الحسينية المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 2  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست