responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحداثة العولمة الإرهاب في ميزان النهضة الحسينية المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 96

المجتمعات، وإن لم تُقَرّ في دستور البلد، فمثلًا: أنّ الأعراف في أمريكا وبريطانيا تنصّ على أنّ المناصب السياديّة من نصيب الجنس الأبيض، وإن لم يُذكر ذلك في فقرات القانون، إلّاأنّه عرف سارت عليه أجيالهم، وهذا هو الجانب الأهمّ الذي تنظر إليه الحكومة الحضاريّة لتجذّر الأعراف الصحيحة في المجتمع، لتكون هي المحرّك الحقيقي له، وهو ما تبيّنه سورة الكهف، التي ترسم معالم القانون الحضاري الذي يصنعه أولياء اللَّه في كلّ خطواتهم، لتسير بخطىً حثيثة مع المسيرة البشريّة، وإن لم توافق تطلّعات الحاكم السياسي في ذلك الوقت؛ لأنّها سوف تصبح عرفاً تتحرّك الأجيال على وفقه، وهذا بعينه ما فعله أمير المؤمنين عليه السلام في جميع مواقفه، بل انّ جميع الأنبياء والأوصياء لا يمكن حصر ما قاموا به من أعمال وغيرها بالعامل الزمني، وإحاطته بالحقبة الزمنيّة التي يعيشون فيها؛ لأنّ ما أرادوه كان ناظراً إلى عمر البشريّة جمعاء بكلّ أجيالها إلى يوم القيامة؛ لأنّ السماء هي التي رسمت تصوّرات الأنبياء والأوصياء، ومعها لا يمكن رميهم بالتقصير أو الجهل- حاشاهم من ذلك- في أعمالهم وما يصدر عنهم، وإن لم يوافق تطلّعات جيل أو جيلين.

إذاً فالحاكم المدني والحضاري هو الذي يرسم المنهج والطريقة التي تتواصل مع البشريّة- وإن كان هو الأمر الأصعب- لتقوّم المسيرة الإنسانيّة الصحيحة.

وبهذه المنهجيّة والطريقة تعامل الخضر عليه السلام مع ذلك الغلام الذي قتله؛ لأنّ إبقائه يعني قطع نسل سبعين نبيّاً [1]، ولو أخذنا بعين الاعتبار ما هو الأثر السلبي الذي يمكن أن يحصل مع قطع نسل هؤلاء الأنبياء، لما لهم من التأثير على البشريّة، لتغيّر رفضنا ورفض موسى عليه السلام لقتل الغلام إلى الموافقة والقبول، فالخضر عليه السلام تعامل على وفق العلم اللدني الذي زوّده اللَّه تعالى به، وهذا يقيناً داخل في ضمن مقامات الحكومة الحضاريّة. هذا كلّه من جانب.


[1] راجع الصفحة 65 من هذا الكتاب.

اسم الکتاب : الحداثة العولمة الإرهاب في ميزان النهضة الحسينية المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست