منها: ما قاله أبو بكر لعمر عندما فشل الجيش الذي
بعثه أبو بكر لقتال كندة، ولم يفلح المدد أيضاً، فاضطرب لذلك أبو بكر و قال: «إنّي
عزمت على أن أُوجّه إلى هؤلاء عليّ بن أبي طالب؛ فإنّه عدل رضا عند أكثر الناس
لفضله و شجاعته وقرابته وعلمه وفهمه، ورفقه بما يحاول من الأُمور ...».
فهذا النصّ سواء في فقرة كلام أبي بكر أو كلام عمر يكشف النقاب عن
دور عليّ عليه السلام ومكانته في نفسية المسلمين وسائر القبائل المتمرّدة على
استخلاف أبيبكر كما فيه إقرار واعتراف من أبي بكر بالإحكام في تدبير عليّ عليه
السلام للأُمور، لا سيّما هذا الأمر الذي استعصى حلّه على أبي بكر، وجزع من شدّة
الورطة فلم يجد بُدّاً من الكتابة إلى الأشعث بن قيس بالرضا
[2].
كما أنّ في كلام عمر؛ إذ قال: «أخاف أن يأبى القتال فلا يقاتلهم، فإن
أبى ذلك فلن تجد أحداً يسير إليهم إلّاعلى المكروه منه، ولكن ذر عليّاً يكون
عندك بالمدينة فإنّك لا تستغني عنه وعن مشورته» إقرار بما ذكره صاحبه وزيادة: إنّ
عليّاً عليه السلام إذا أبدى قوله في عدم قتال كندة فإنّ البقية سيتأثّروا به
ويمتنعوا عن مقاتلة كندة إلّابالإكراه، وإنّ دولة السقيفة لم تستطع إدارة الأُمور
بدون مشورة عليّ عليه السلام. وسيأتي في بقية النصوص الكثير ممّا يعضد ذلك.
و منها: «وأراد أبو بكر أن يغزو الروم
فشاور جماعة من الأصحاب، فقدّموا وأخّروا، فاستشار عليّ بن أبي طالب، فأشار أن
يفعل، فقال: إن فعلت ظفرت. فقال:
بُشّرت بخير! فقام أبو بكر في الناس خطيباً، وأمرهم أن يتجهّزوا إلى
الروم» [3].