responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الصحابة بين العدالة و العصمة المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 32

ثمّ جعلوا الاختيار إلى‌ عبد الرحمن بن عوف، فأخذ بيد عليّ رضى الله عنه وقال:

تبايعني على‌ كتاب اللَّه وسُنّة رسول اللَّه وسيرة الشيخين، فقال: على‌ كتاب اللَّه وسُنّة رسول اللَّه وأجتهد برأيي. ثمّ قال مثل ذلك لعثمان فأجابه إلى‌ ما دعاه، وكرّر عليهما ثلاث مرّات، فأجابا بالجواب الأوّل، فبايع عثمان ... و قول عليّ رضى الله عنه: (وأجتهد برأيي) ليس خلافاً منه في إمامة الشيخين، بل ذهاباً إلى‌ أنّه لا يجوز للمجتهد تقليد مجتهد آخر، بل عليه اتّباع اجتهاده، وكان من مذهب عثمان وعبد الرحمن أنّه يجوز إذا كان الآخر أعلم وأبصر بوجوه المقاييس. [1] لو سلم تأويل التفتازاني لإباء عليّ عليه السلام لسيرة الشيخين، وأنّه من باب عدم حجّية اجتهادهما، إلّاأنّه أسقط حجّية سيرتهما مطلقاً، ولم يحتمل فيها أنّها من باب‌الرواية لاحتمال اطّلاعهما على‌ قول أو فعل للنبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم لم يطّلع عليه غيرهما.

وبعبارة أُخرى‌: مدّعى‌ العامّة في حجّية قولهما وسيرتهما يتردّد لديهم كما قدّمنا بين ذلك، فالإعراض عن سيرتهما يعني إسقاط لكلّ وجوه الحجّية المدّعاة في سيرة الشيخين، ولا يفوت الباحث تذكّر امتناع عليّ عليه السلام عن بيعة أبي بكر مع موقفه يوم الشورى‌ هذا. ثمّ إنّ هذا التوجيه من التفتازاني يناقض ما قدّمنا نقله عنه، من دخول عليّ عليه السلام في الخطاب المنسوب إلى‌ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر»، وأنّه مأمور بالاقتداء بهما [2]؛ فإذا كان حجّية قولهما من باب الاجتهاد، فكيف يجعل الأمر بالاقتداء بهما دالّ على‌ إمامتهما للناس؟! بل اللازم أن يكون الأمر المزبور- على‌ تقدير صدق النسبة- محمول على‌ حجّية فتوى‌ المجتهد، لا على‌ كونه عهد من النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم على‌ إمامتهما؛ وإذا حمله على‌ الإمامة، فكيف يخالف عليّ عليه السلام ذلك؟! فيدلّ إسقاطه لحجّية قولهما على‌ وضع هذا الحديث، وتدليس نسبته إلى‌ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، ونحو هذاالحديث بقية الأحاديث المدّعاة من هذا النمط.


[1] . شرح المقاصد 5/ 288.

[2] . شرح المقاصد 5/ 292.

اسم الکتاب : الصحابة بين العدالة و العصمة المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست