اسم الکتاب : في رحاب الزيارة الجامعة الكبيرة المؤلف : السند، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 65
قبل الأشياء، فهو أوّل الأوّليّة، و الآخر بعد فناء الأشياء، فهو آخر الآخريّة، لا يحيط به عالم من العوالم، و حينما يقال بأنّ اللّه عزّ و جلّ ليس جسما و أنّه لا يشبه أحدا من خلقه، فهذا لا يعني الشبه في الأجسام فقط، بل حتّى الأرواح لا تشبه اللّه عزّ و جلّ و لا الأنوار، لأنّهما من الخلقة الإلهيّة. قال تعالى: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ[1].
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: «أوّل ما خلق اللّه نور نبيّك، يا جابر» [2]، فنفي التشبيه لا يقتصر على نفي التجسيم فحسب، بل يقتضي نفي تشبيه اللّه تعالى حتّى بغير الأجسام، فخلقة الأنوار، و خلقة العقول، و خلقة الأرواح، كلّها لا تشبه اللّه عزّ و جلّ، و لا يشبهها اللّه عزّ و جلّ، فاللّه تعالى لا يشبه شيئا من خلقه، و لا يشبهه من خلقه شيء.
و كم هو عظيم روح القدس! يتجلّى ذلك في قوله تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها[3]، و قوله تعالى: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ[4]، فالملائكة كلّها تفتقر في نزولها و عروجها إلى الروح، و الروح خلق أعظم من الملائكة، لكنّنا مع ذلك