اسم الکتاب : تاريخ الفقه الإسلامي وأدواره المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 23
في كتاب «مناقب الاَنصار» عن أنس بن مالك قال: قال ناس من الاَنصار حين
أفاء اللّه على رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -
يعطي رجالاً المائة من الاِبل، فقالوا: يغفر اللّه لرسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم - يعطي
قريشاً و يتركنا و سيوفنا تقطر من دمائهم. قال أنس: فحدّث رسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم - بمقالتهم، فأرسل إلى الاَنصار، فجمعهم في قبّة من أدمٍ ولم يدع معهم
غيرهم، فلمّا اجتمعوا قام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: «ما حديث بلغني
عنكم؟».
فقال فقهاء الاَنصار: أمّا روَساوَنا يا رسول اللّه فلم يقولوا شيئاً، وأمّا ناس
منّا حديثة أسنانهم، فقالوا: يغفر اللّه لرسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم - يعطي قريشاً ويتركنا
وسيوفنا تقطر من دمائهم. [1]
وممّا يدلّ على أنّ الفقيه في الصدر الاَوّل بمعنى صاحب البصيرة في
الدين، أنّ الحسين بن علي - عليهما السلام - وصف حبيب بن مظاهر الاَسدي بالفقيه،
وكتب إليه من كربلاء وهو بالكوفة بالنحو التالي:
«من الحسين بن علي بن أبي طالب إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر. أمّا
بعد يا حبيب فإنّك تعلم قرابتنا من رسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم - وأنت أعرف بنا
من غيرك، وأنت ذو شيمة وغيرة، فلا تبخل علينا بنفسك يجازيك جدي
رسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم - يوم القيامة». [2]
وربّما يجعل اسم القرّاء مقابلاً لاسم الفقهاء، روى مالك في موطئه، عن
يحيى بن سعيد، أنّ عبد اللّه بن مسعود قال لانسان:«إنّك في زمان كثير فقهاوَه،
قليل قرّاوَه، تحفظ فيه حدود القرآن، وتضيّع حروفه، قليل من يسأل، كثير من
[1] صحيح البخاري: 5|200 ح8، باب غزوة الطائف. [2] مصطفى الحائري: بلاغة الحسين: 70.
اسم الکتاب : تاريخ الفقه الإسلامي وأدواره المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 23