responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الفقه الإسلامي وأدواره المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 100

وأمّا إن كان ذلك الداعي إلى نبذ التمذهب يعتقد في الاَئمة المتبوعين أنّهم من أسباب وعوامل الفرقة والخلاف بين المسلمين، وانّ المجتهدين في الاِسلام إلى اليوم كلّهم على خطأ، وانّه يستدرك عليهم في آخر الزمن الصواب الذي خفي على الاَُمّة منذ بزوغ شمس الاِسلام إلى اليوم، فهذا من التهوّر والمجازفة البالغين حدّ النهاية. [1]

أقول: إنّ ما ذكره الكوثري في تفسير الشقين ليس على صواب، فأمّا الشق الاَوّل، فهو ما يعبّـر عنه في الاَُصول والكلام بالمصوبة، ومعناه انّ كلّ حكم لم يرد فيه نص في الكتاب والسنّة، فقد فوّض اللّه حكمه إلى المجتهدين، فما حكم به المجتهد فهو حكم اللّه، وفي مثل ذلك لا مانع من اجتماع النفي والاِثبات، لاَنّ امتناع اجتماعهما فيما إذا كان لحكم اللّه وراء اجتهاد المجتهد واقع مستقل، ففي مثله لا يمكن أن يكون كلّ من النفي والاِثبات صحيحاً.

وأمّا إذا لم يكن هناك واقع محفوظ كما هو الحال فيما لا نصّ فيه، فكل جهد بذل لاستنباط الحكم فهو حقّ نسبي في حقّه وحقّ مقلّديه، وليس كذلك بالنسبة إلى مجتهد آخر ومقلّديه، و التصويب بهذا المعنى وإن كان باطلاً عند الشيعة الاِمامية، ولكن لا يرد عليه ما ذكره أبو إسحاق الاسفراييني وتبعه الكوثري بلا تأمل، ولا مانع حينئذٍ من اجتماع النفي والاِثبات.

وأمّا الشقّ الثاني ، فهو ما يعبّر عنه بالمخطئة وعليه جمهور الفقهاء خصوصاً الشيعة الاِمامية، ومعناه انّ المجتهد قد يصيب وقد يخطىَ، فللاَوّل أجران وللثاني أجر واحد، وانّه ليس في الشريعة الاِسلامية حادث ليس لحكمه دليل في الشريعة، وليس الدليل منحصراً في الكتاب والسنّة.

وعلى ضوء ذلك فكلّ الاَحكام لها دليل غير انّ المجتهد ربما يصيبه


[1] مقالات الكوثري:223ـ225.

اسم الکتاب : تاريخ الفقه الإسلامي وأدواره المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست