اسم الکتاب : الرسائل الأربع( قواعد أصولية وفقهية) - تقريرات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 42
فلو صحّ ما ذكره الأشاعرة من الملازمة، لزم أن لا تكون الحدسيات من اليقينيات.
و باختصار: أنّ العلوم اليقينية، مع كثرتها ليست على نمط واحد، بل لها مراتب و درجات، و هذا شيء يلمسه الإنسان إذا مارس علومه و يقينياته، و على ذلك فلا مانع من أن يقع الاختلاف في بعض العلوم الضرورية لدوافع خاصة، و هي في المقام تصور أنّ الحكم بالحسن و القبح تحديد لسلطنته سبحانه، فلأجل ذلك رفضت الأشاعرة هذا العلم الضروري للحفاظ على عموم سلطته تعالى.
الدليل الثالث: لو كان الحسن و القبح عقليين لما تغيرا:
إنّ الحسن و القبح لو كانا عقليين لما اختلفا، أي لما حسن القبيح و لما قبح الحسن، و التالي باطل، فإنّ الكذب قد يحسن و الصدق قد يقبح، و ذلك فيما إذا تضمن الكذب إنقاذ نبيّ من الهلاك، و الصدق إهلاكه.
فلو كان الكذب قبيحاً لذاته لما كان واجباً و لا حسناً عند ما استفيدت به عصمة دم نبيّ عن ظالم يقصد قتله ( [1])
و أجاب عنه المحقّق الطوسي بقوله: «و ارتكاب أقل القبيحين مع إمكان التخلص». ( [2])
توضيحه: أنّ الكذب في هذه الصورة على قبحه إلّا أنّ ترك إنقاذ النبيّ أقبح من