اسم الکتاب : الرسائل الأربع( قواعد أصولية وفقهية) - تقريرات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 22
و إن شئت عبر عنه بالوجدان غير المتأثر من الأُمور اللاشعورية، فهو يحسّ الملائمة لبعض الأفعال و المنافرة للبعض الآخر.
و ممّن يظهر منه هذا الملاك، المحقّق الخراساني في رسالة خاصة له في الملازمة بين العقل و الشرع التي أدرجها في ضمن فوائد أُصولية له قال: إنّه لا مجال لإنكار اختلاف الأفعال بحسب خصوصيات وجودها سعة و ضيقاً و خيراً و شراً الموجب لاختلافها بحسب المنافرة و الملائمة للقوة العاقلة، و مع ذا لا يبقى مجال لإنكار الحسن و القبح عقلًا إذ لا نعني بهما إلّا كون الشيء في نفسه ملائماً للعقل فيعجبه أو منافراً فيغربه (كذا) ( [1]) و بالضرورة إنّما يوجبان صحّة المدح و القدح في الفاعل إذا كان مختاراً بما هو فاعل. ( [2])
و بما أنّه ربما يتوهم أنّه إذا كان الملاك هو الملائمة و المنافرة للفطرة، يكون حكم العقل في مجال التحسين و التقبيح منحصراً بأفعال الإنسان و لا يعدو غيره مع انّ الهدف من عقد ذاك البحث هو التعرّف على أفعاله سبحانه، و لدفع هذا التوهم عقدنا البحث التالي.
سعة دائرة حكم العقل:
إنّ إدراك العقل حسن الأفعال أو قبحها على كلا التقريرين (كون الحكم بهما في بعض الأفعال أمراً بديهياً و في البعض الآخر منتهياً إليه، أو كون الميزان الملائمة للجانب العالي من الإنسانية و المنافرة) لا يختص لشخصه أو لصنف خاص أو لكلّ من يطلق عليه الإنسان، بل يدرك حسن صدوره أو قبحه لكلّ موجود عاقل مختار سواء وقع تحت عنوان الإنسان أو لا، و ذلك لأنّ المقوّم لقضائه