و المقیاس فی ترتیب الطبقات هو الأقربیة إلی المیت و إلیک بیانها: فالوالدان و الأولاد فی طبقة واحدة، لأنّ الأوّلین ولّدا المیت کما أنّ المیّت ولّد الثانیة، فلأجل انتساب الأبوین من فوق، و الأولاد من تحت إلی المیّت بسمة الولادة، صارا فی طبقة واحدة. و الطبقة الثانیة، أعنی: الإخوة و الأجداد لا یتصلان بالمیت بلا واسطة، فالأجداد ینتمون إلی المیت عن طریق الأبوین کما إنّ الإخوة ینتمون إلی المیت عن طریق الأب و الأُمّ، فلأجل ذلک عدّ الجمیع فی طبقة ثانیة. و أمّا الطبقة الثالثة، فالأعمام و العمّات ینتمون إلی المیت بسببین: الأجداد و الآباء کما انّ الأخوال و الخالات ینتمون إلی المیت بسببین، الجدّات و الأُمّهات و هذا هو الباعث إلی جعل طبقات الإرث ثلاثة و جعل المیت محوراً و تقدیم الأقرب علی الأبعد. و من هنا یعلم أنّ المقیاس لیس هو قلّة الوسائط و کثرتها، و إلّا لاختلّ النظام و یلزم أن یرث الأخ مع ابن الابن، لکونهما یتصلان بالمیت بواسطة، أو یرث العمُّ مع ابنِ ابنِ الابنِ، لأنّ الکلّ ینتمیان بواسطتین مع أنّه باطل بضرورة المذهب. بل المقیاس، الأقربیة و الأبعدیة، فربما یکون کثیر الوسائط أقرب إلی المیت و إن کان قلیلها، فابن ابن الابن یرث من دون الأخ للمیّت مع أنّ الأخ ینتمی إلی المیت بواسطة الأب و الأُمّ و هی واسطة واحدة، و النجل المذکور ینتمی بواسطتین. و ما هذا إلّا لأنّ النجل ینتمی إلی المیت عن طریق الولادة بلا واسطة عنوان آخر، فیصیر هو فی النتیجة ولد المیت، و أمّا الأخ فإنّما ینتمی إلی المیت بواسطة عنوان مغایر معه و هو الأب أو الأُمّ، فلولاهما لما ورث الأخ من المیت، فلا یکون الأخ من أولاد المیت، بل من أولاد الأب و الأُم، و من المعلوم أنّ أولاد المیت مقدّم علی أولاد