responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 168

العصور الإسلامية الأولى يركنون إليها في مواضع كثيرة، تشهد بذلك كتبهم المدوَّنة في الطب والكيمياء، وستوافيك قبسات من عبارات الشيخ الرئيس حول التجربة، كما سيوافيك بعض ما روي عن أئمة أهل البيتـ عليهم السَّلام ـ في هذا المجال.

قيمتها العلميّة

التجربة إحدى الأدوات الّتي تفيد اليقين بنتيجة كليّة، على خلاف التمثيل والاستقراء، اللذين عرفت عدم إفادتهما إلاّ الظن، كما عرفت أنّ الاستقراء على فرض إفادته اليقين، فإنّما يراد منه اليقين العرفي، بتناسي الاحتمال المخالف الماثل في الذهن، بينما التجربة تفيد القطع بحكم كلي شامل لجميع الأفراد الماضية والحاضرة والمستقبلة. وعندئذ ينطرح في المقام سؤال وهو أنّه لماذا صارت التجربة مصدراً للعلم واليقين، بخلاف التمثيل والاستقراء، مع اشتراك الجميع في أنّ العملية تقع على أفراد محدودة لا على جميع الأفراد؟. هذه شبهة مستعصية على الأذهان وقف دونها الكثيرون، فيجب علينا حلُّها في ضوء الضوابط العقلية فنقول:

الفرق بين التمثيل والاستقراء، والتجربة، أنّ مناط الحكم في الأوَّليْن هو تشابه الأفراد واشتراكها من جهات واختلافها من جهات أُخرى. فالفُقّاع والخمر، وإن كانا متشابهين ومشتركين في الإسكار، لكنهما من نوعين مختلفين، وهذا هو الّذي دفعنا إلى تسمية أحدهما فقّاعاً والآخر خمراً، فإنّ أحدهما متّخذ من الشعير والآخر من العنب. وهكذا في الاستقراء، فإنّ ما نشاهده من الحيوانات البرية والبحرية، أنواع مختلفة، واقعة تحت جنس واحد هو الحيوان، لكنها تتميّز بفصول وأشكال مختلفة. فلو رأينا هذا الحيوان البريّ، وذلك الحيوان البحري، كلُّ يحرك فكَّه الأسفل عند المضغ، نحكم بذلك على سائر الحيوانات، من دون أن تكون بينها وحدة نوعية، أو تماثل في الحقيقة، والدافع إلى ذلك التعدّي في الحكم هو التشابه والاشتراك الموجود بين أنواع الجنس الواحد، رغم الاقرار باختلافها في الفصول والأشكال. ومن هنا، لا يمكن الجزم بالحكم والنتيجة على وجهها الكلّي، لإمكان اختلاف أفراد نوعين مختلفين، في الحكم. هذا كلُّه في التمثيل والاستقراء.

اسم الکتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست