responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 53

كما أنّ الظالم الناكث لعهد الله ، والناقض لقوانينه وحدوده ، على شفا جرف هار ، لا يؤتمن عليه ولا تلقى إليه مقاليد الخلافة; لأنّه على مقربة من الخيانة والتعدّي ، وعلى استعداد لأن يقع أداة للجائرين ، فكيف يصحّ في منطق العقل أن يكون إماماً مطاعاً ، نافذ القول ، مشروع التصرّف ، وعلى ذلك; فكلّ من ارتكب ظلماً ، وتجاوز حدّاً في يوم من أيّام عمره ، أو عبد صنماً ، أو لاذ إلى وثن ـ وبالجملة ارتكب ما هو حرام فضلا عمّا هو شرك وكفر ـ ينادى من فوق العرش في حقّه : (لا يَنالُ عَهدِي الظّالِمِينَ) من غير فرق بين صلاح حالهم بعد تلك الفترة ، أو البقاء على ما كانوا عليه .

نعم اعترض «الجصّاص» على هذا الاستدلال وقال : «إنّ الآية إنّما تشمل من كان مقيماً على الظلم وأمّا التائب منه فلا يتعلّق به الحكم; لأنّ الحكم إذا كان معلّقاً على صفة ، وزالت تلك الصفة ، زال الحكم . ألا ترى أنّ قوله : (وَلا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا)[1] إنّما ينهى عن الركون إليهم ما أقاموا على الظلم ، فقوله تعالى : ( لا يَنالُ عَهدِي الظّالِمِينَ) لم ينف به العهد عمّن تاب عن ظلمه; لأنّه في هذه الحالة لا يسمّى ظالماً ، كما لا يسمّى من تاب من الكفر كافراً»[2] .

إلاّ أنّه يلاحظ عليه : أنّ قوله : «الحكم يدور مدار وجود الموضوع» ليس ضابطاً كلّياً ، بل الأحكام على قسمين : قسم كذلك ، وآخر يكفي فيه اتّصاف الموضوع بالوصف والعنوان آناً ما ، ولحظة خاصّة ، وإن انتفى بعد الاتّصاف ، فقوله : «الخمر حرام» ، أو «في سائمة الغنم زكاة» من قبيل القسم الأوّل ، وأمّا
قوله : «الزاني يحدّ» ، و «السارق يقطع» فالمراد منه أنّ الانسان المتلبّس بالزنا أو السرقة يكون محكوماً بهما وإن زال العنوان وتاب السارق والزاني ، ومثله :


[1] هود : 113 .

[2] تفسير آيات الأحكام 1 : 72 .

اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 53
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست