اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 219
مرونة أحكامه التي تماشي جميع الأزمنة والحضارات ، وقد تمثّلت هذه المرونة بأُمور :
الأول : كونه جامعاً بين الدعوة إلى المادّة والروح
إذا غالت المسيحية في التوجّه إلى الناحية الروحية ، فدعت إلى الرهبانية والتعزّب ، وغالت اليهودية في الدعوة إلى ملاذّ الحياة والانكباب على المادّة حتّى نسيت كلّ قيمة روحية ، فالإسلام دعا إلى المادّية والمعنوية على وجه يطابق الفطرة الإنسانية ، وجعل الفطرة مقياساً للحلال والحرام ، وشرع للإنسان ما يسعده في الدنيا والآخرة على ما هو مفصّل في محله .
الثاني : النظر إلى المعاني لا إلى الظواهر
الإسلام ينظر إلى المعاني والحقائق لا الظواهر والقشور ، فيأمر بالأخذ باللبّ لا بالقشر ، وهذا هو السرّ في خاتمية الدين الإسلامي وتمشّيه مع تطوّر الحياة ، ولا يتوهّم من ذلك جواز التدخّل في التشريع بحجّة الأخذ باللبّ دون القشر; فإنّ الكبريات الواردة في الكتاب والسنّة كلّها لبّ ، وأمّا القشر فإنّما يرجع إلى التخطيط والتجسيد .
وسيوافيك عند الإجابة على السؤال الخامس أنّ الإسلام دعا الإنسان إلى الملبس والمسكن وإشاعة العلم والتربية ، وهذا هو اللبّ ، وأمّا الأشكال والأنماط لهذا التشريع فمتروك إلى مقتضيات العصور .
إنّ الذي يهتمّ به التشريع كون البيت مُقاماً على أرض غير مغصوبة ومن مال حلال بحيث يتمكّن المسلم من إقامة فرائضه فيه وحفظ كيانه ، وقد أناط شكل البيت وهندسته إلى مقتضيات الظروف والمصالح; وكذا الملابس ووسائل التعليم ابتداءً من الحفر على الصخر والجدران والكتابة على الجلود والقراطيس ، إلى
اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 219