والآية صريحة في أنّ الغاية من تنزيل القرآن على عبده (النبيّ الأعظم ـ صلى الله عليه وآله وسلم _) كون القرآن نذيراً للعالمين من بدء نزوله إلى يوم يبعثون ، من غير فرق بين تفسيرها بالإنس والجنّ أو الناس أجمعهم ، وإن كان الثاني هو المتعيّن ، فإنّ العالمين في الذكر الحكيم جاء بهذا المعنى .
قال سبحانه حاكياً عن لسان لوط : (قالَ إنَّ هؤلاءِ ضَيفي فلا تَفْضَحونِ * واتَّقوا اللهَ ولا تُخزونِ * قالوا أوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ العالَمين )[2] .
فإنّ المراد من العالمين في كلامهم هم الناس; إذ لا معنى لأن ينهونه عن استضافة الجن والملائكة ، ونظيره قوله سبحانه حاكياً عن لسان لوط : (أتأتونَ الذُّكرانَ مِنَ العالَمين )[3] فالمراد من العالمين في كلتا الآيتين هم الناس .
وبذلك يعلم قوّة ما روي عن الإمام الصادق ـ عليه السلام _ من أنّ العالمين عنى به الناس وجعل كلّ واحد عالماً ، ولا يعدل عن ذلك الظاهر إلاّ بقرينة ، وبما أنّه لا قرينة على العدول من الظاهر فيكون معنى قوله : (ليكونَ لِلعالَمينَ نَذيراً) أي نذيراً للناس أجمعهم من يوم نزوله إلى يوم يبعثون .
النصّ الثالث :
قوله سبحانه : (إنَّ الَّذينَ كَفروا بالذِّكرِ لما جاءَهُمْ وإنَّهُ لَكتابٌ عزيزٌ * لا يأتِيهِ الباطِلُ مِنْ بينِ يَديهِ ولا مِنْ خَلفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكيم حَميد )[4] .
وجه الدلالة على الخاتمية ، أنّ المراد من الذكر هو القرآن بقرينة قوله سبحانه :
[1] الفرقان : 1 .
[2] الحجر : 68 ـ 70 .
[3] الشعراء : 165 .
[4] فصلت : 41 ـ 42 .
اسم الکتاب : مع الشيعة الاماميه في عقائدهم المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 196