responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 282

الاحتكاك الثقافي واللقاء الحضاري:

إذا كان الكتاب والسنّة وحديث العترة الطاهرة هو المنطلق لنشوء علم الكلام وظهوره بين المسلمين، فقد كان للاحتكاك الثقافي واللقاء الحضاري دور خاص في ذلك المجال، وهو أنّه دفع عجلة علم الكلام إلى الاَمام، وصار سبباً لنموه ونضوجه بين المسلمين، ولولا هذا الصراع الفكري لما نمت تلك البذور الطيبة الكامنة في الكتاب والسنّة، وما استوت على سوقها، وهذان العاملان (الداخلي والخارجي) وإن صارا سبباً لنشوء هذا العلم وتكامله إلاّ أنّ دور الاَوّل، يخالف دور الثاني، فالاَوّل يعد مصادر علم الكلام ومنابعه ومناشئه، وأمّا الثاني، فهو الذي أيقظ المفكرين من المسلمين حتّى ينمّوا ما تعلموه في مدرسة الدين من الا َُصول والعقائد، وإليك بيان ذلك العامل الخارجي.

بُعِثَ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بدين عالمي، ونبوة خاتمة، وكتاب خاتم للكتب، والمهيمن عليها، وبثّ شريعته الغراء في ربوع الجزيرة العربية في بضع سنين، إلى أن مضى إلى جوار ربّه، وراية الاِسلام خفّاقة عالية، تدين أهلها بالتوحيد، وتكافح الثنوية، وتُوَمن بالحياة الا َُخروية وتعمل بسنن الاِسلام وطقوسه.

وقد أحسّ المسلمون بواجبهم ـ بعد رحلته ـ وهو نشر الاِسلام وبسطه في العالم كلِّهِ ودعوة جميع البشر على مختلف قومياتهم إلى الانضواء تحت راية الاِسلام، بالحكمة والموعظة الحسنة، ثم كسر الاَصنام والاَوثان بالجهاد المتواصل، وبذل النفس والنفيس في سبيله، حتى تُصْبِح الاَجواء صافية، والظروف حرّة، وترتفع العوائق والموانع بغية دخول الناس في دين اللّه زرافات ووحداناً عن طوع ورغبة، بلا خوف ولا رهبة من طواغيت العصر .

قام المسلمون بواجبهم ففتحوا البلاد، ونشروا الثقافة الاِسلامية بين الا َُمم المتحضرة والتي كانت تتمتّع ـ وراء الآداب والفنون والعلوم والصناعات ـ بمناهج

اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 282
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست