responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 268

الصفات الخبرية من اليدو الوجه والعين والاستواء على العرش، وبما أنّالاَكثرية الساحقة لا يستطيعون فهم ما فيها من الدقائق والمعارف وربما يكون الخوض منتهياً إلى ما لا يحمد، كفى لهم الاِيمان والاِقرار و الاِمرار والسكوت، وما نقل عن الاِمام مالك (المتوفّى179هـ): إيّاكم والبدع، قيل: يا أبا عبد اللّه ما البدع؟ قال: أصحاب البدع هم الذين يتكلّمون في أسمائه وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، و لا يسكتون عمّا سكت عنه الصحابة و التابعون لهم بإحسان [1] لعلّه ناظر إلى هذه الطائفة الذين لو خاضوا فيها، فسدوا وأفسدوا، ولم يأتوا بشيء.

وأمّا إذا انتُقل إلى المرحلة الثانية أي مرحلة الفهم والدراية والبحث والنظر وصياغة العقائد في ضوء الكتاب والسنّة والعقل، فلا يصحّ له الاكتفاء بالاِقرار والاِمرار، فإنّ الاستطلاع أمر طبيعيّ للبشر، وهو أحد الاَبعاد الاَربعة الروحية له، فلا يمكن كبح جماح فهمه ونظره بحجّة أنّالصحابة و التابعين سكتوا عنه، وكأنّ السلف هم القدوة دون الذكر الحكيم، ودون النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعترته الذين تكلّموا فيها، وأضاءوا الطريق لسالكيه، وكأنّ قوّة التفكير والنظر والمواهب العقلية المودعة في الاِنسان خلقت سدىً وبلا غاية.

وهل يمكن أن يفرض على عمالقة الفكر وأصحاب المواهب العقلية أن يقفوا دون هذه المعارف ويُطفئوا نور عقلهم وفي التالي يكونوا كأجلاف البيداء لا همّ لهم سوى الاَكل والشرب والسير طلباً للماء والعشب؟!

وعلى هذا فيجب تصنيف الناس على صنفين؛ قابل وغير قابل، مستعدٌ وغير مستعد، فلو صحّ الحرمان فإنّما للسوقة من الناس دون من أُوتي تفكيراً قوياً واستعداداً وقّاداً.


[1] الدكتور أحمد محمود صبحي، في علم الكلام:1|21 نقلاً عن تمهيد لتاريخ الفلسفة الاِسلامية، لمصطفى عبد الرزاق:155، طبعة 1944م.

اسم الکتاب : رسائل ومقالات المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست