responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بلاغ عاشورا المؤلف : محدثي، الشیخ جواد    الجزء : 1  صفحة : 171

التولّي والتبرّي‌
إنّ الولاية والبراءة من فروع الدين ومن الواجبات العملية في الإسلام، أي الموالاة لأولياء اللَّه ومعاداة أعدائه والبراءة والتنفّر منهم.
و «الموالاة» و «الولاية» و «التولّي» جميعها من أصل واحد، ولها مفهوم واحد، وهي دالّة على الالتحام المنهجي والفكري والسياسي للإنسان المسلم مع القادة الربّانييّن وأئمّة الحقّ عليهم السلام، فالمسلم الموالي هوالذي يتّخذ اللَّه ورسوله والإمام «وليّاً» له، ويتقرّب إلى اللَّه ورسوله وأوليائه بالطاعة والتقوى‌ والعمل الصالح، ويربط نفسه وحياته بهم، فالعمل الصالح والورع قوام الولاية، كما يقول الإمام الباقر عليه السلام: «لا تُنال ولايتنا إلّا بالعمل والورع» «1»
فالحياة الإيمانيّة للإنسان المسلم توجب عليه أنّ يشخّص ويحدّد خطّه الفكري والسياسي في المجتمع، وموقفه إزاء قضايا الحقّ والباطل، وألّا يبقى‌ حيالها محايداً لا إلى الحقّ ولا إلى الباطل، بل يتّبع الحقّ ويمتثل أمر «ولي اللَّه»، ويكون خصماً وعدوّاً لأعداء الدين والإمامة والزعامة الصالحة.
إنّ الإرتباط بأهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله وموالاتهم ومودّتهم تلكيف إلهيّ، والبراءة من أعدائهم أمر واجب، لا عند حدّ الشعار والقول فقط، بل في السلوك والعمل، وهذه البراءة والولاية ربّما قادت المسلم الملتزم إلى ميدان الجهاد، وإلى‌ الشهادة أيضاً، ولا خوف عليه لأنّ ذلك في سبيل اللَّه، وله الثواب الجزيل عند اللَّه تبارك وتعالى.
يقول الإمام الرضا عليه السلام: «كمال الدين ولايتنا والبراءة من عدوّنا» «2»
وقيل للإمام الصادق عليه السلام: إنّ فلاناً يواليكم إلّا أنّه يضعف عن البراءة من عدوّكم! فقال:
«هيهات! كذب من ادّعى‌ محبّتنا ولم يتبرّأ من عدوّنا.» «3»
وفي عصر الإمام الحسين عليه السلام كان قد تجلّى‌ الحقّ في وجوده عليه السلام، وتمثّل الباطل في شخص يزيد، وكان من الواجب على كلّ مسلم ملتزم أن «يتولّى‌» الإمام الحسين عليه السلام و «يتبرّأ» من أعدائه، كما صنع أنصار الإمام قدس سرهم، إذ وقفوا معه للدفاع عنه ولنصرته بشجاعة لا نظير لها، وتبرّأوا من يزيد وابن زياد وأعوانهم، وقد كشفت عن هذه الحقيقة أشعارهم وأقوالهم فضلًا عن مواقفهم: فممّا ارتجز به أبوالشعثاء الكندي رحمه الله يوم عاشوراء، قوله:
يا ربّ إنّي للحسين ناصرٌ ولابن سعد تاركٌ وهاجرٌ «1»
وممّا قاله برير بن خضير رحمه الله:
«أللّهمّ إنّي أبرأُ إليك من فعال هؤلاء القوم ...» «2»
وفي ليلة عاشوراء لمّا أظهر أصحاب الإمام عليه السلام عزمهم على البقاء معه وعلى عدم التخلّي عنه، وقف نافع بن هلال رحمه الله بين يدي الإمام عليه السلام وقال:
«نوالي من والاك ونُعادي من عاداك ....». «3»
إنّ خطّ التولّي والتبرّي لاينتهي بانتهاء عصر الإمام‌الحسين عليه السلام، ذلك لأنّ خطّ أبي عبداللَّه الحسين عليه السلام مستمرٌ دائمٌ بلا انقطاع على هذه الأرض من بعده، وتقتضي موالاته عليه السلام والبراءة من أعدائه أن يوالي الإنسان المؤمن أنصاره والسائرين على نهجه 7 ويتبرّأ من أعدائهم على مدى‌ التأريخ.
في متون زيارات المعصومين عليهم السلام عامة، وزيارات الإمام الحسين عليه السلام خاصة، يرد ذكر موضوع التولّي والتبرّي كراراً كأحد الإعتقادات والأعمال التي يتقرَّب بها إلى اللَّه تعالى، نقرأ مثلًا في زيارة الإمام الحسين عليه السلام في النصف من رجب: «إنّي أتقرّب إلى‌ اللَّه بزيارتكم وبمحبّتكم، وأبرأ إلى‌ اللَّه من أعدائكم». «4»
وجميع التحيّات وإظهار المحبّة والمودّة ممّا هووارد في متون زيارات الإمام الحسين وبقيّة الأئمّة عليهم السلام علامةٌ لهذا «التولّي»، وجميع اللعنات والدعاء على أعدائهم وظالميهم وإظهار السخط عليهم شهادة على‌ «التبرّي» منهم، وتموج متون الزيارات بالسلام والتحيّات الزاكيات على‌ الأئمّة عليهم السلام وأنصارهم ومواليهم، وتموج كذلك باللعنات على‌ أعدائهم ومخالفيهم، بل حتّى‌ على الراضين بفعلهم، لانّهم بالفعل منهم، نقرأ مثلًا في أحد متون زيارات الحسين عليه السلام:
«لعن اللَّه قاتلك، ولعن اللَّه خاذلك، ولعن اللَّه من رماك، ولعن اللَّه من طعنك، ولعن اللَّه المعينين عليك، ولعن اللَّه السائرين إليك ... ولعن اللَّه أعوانهم وأتباع
بلاغ عاشورا 182 الجهاد ..... ص : 181
هم وأشياعهم وأنصارهم ومحبّيهم ....» «5»


اسم الکتاب : بلاغ عاشورا المؤلف : محدثي، الشیخ جواد    الجزء : 1  صفحة : 171
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست