وهذا لا يكفي لإثبات الضمان، فإنّ احترام عمل الغير وماله إمّا بمعنى أنّه ملكه فيحرم التصرف فيه بلا إذنه وهذا أجنبي عن محل البحث، أو بمعنى أنّه لو أتلفه أو استوفاه الغير كان للمالك قيمته وماليته وهذا فرع تحقق الإتلاف أو الاستيفاء فيرجع إلى ما تقدم.
5- إنّ السيرة العقلائية قد استقرت على الضمان في موارد الأمر ما لم تقم قرينة على المجانية ولم يكن العامل قاصداً للتبرّع، وهذه السيرة قد أمضاها الشارع ولم يردع عنها، بل قد ورد التأكيد عليها في بعض الروايات [1]).
6- إنّ العمل للغير بأمره يتحقق به- في باب الأعمال- عنوان الأخذ للعمل أو المنفعة الذي هو موضوع ضمان اليد، فإذا كان عنوان الأخذ ووضع اليد صادقاً بالأمر كان مقتضى قاعدة اليد وأخذ مال الغير [2]) ضمان الآخذ له.
ولو كان العمل المأمور به مما يمكن تقويمه إلّا أنّه ليس مما يستأجر له عادة فإنّ للعامل المطالبة بأُجرة المثل إن كان العامل ممن يستأجر لمثل ذلك؛ لأنّه استيفاء عمل محترم [3]).
إلّا أنّه قد يستظهر [4] من العلّامة عدم ثبوت الاجرة هنا حيث اعتبر في لزومها كون العمل ذا اجرة عادة [5]).
أمّا إذا عمل العامل من دون أن يؤمر به فلا يستحق الاجرة بلا خلاف [6]؛ لعدم استناد تلف عمله إلى الغير، ومجرد احترام عمل المسلم لا يوجب الضمان؛ لأنّ معنى الاحترام عدم جواز اجباره على استيفاء عمله الذي هو منتف في المقام [7]، وكذا لا يستحق الاجرة إذا امِر بالعمل مجاناً أو كان العامل يعلم بقصد الآمر للمجانية [8]).
ولو قصد الآمر الاجرة على العمل لكن قصد العامل التبرّع بعمله فانّه لا يستحق
[1] مستند العروة (الإجارة): 291. [2] جواهر الكلام 27: 335، 336. العروة الوثقى 5: 112، م 19. الإجارة (الشاهرودي) 2: 298- 299. [3] الشرائع 2: 188. المسالك 5: 229. جواهر الكلام 27: 336. [4] المسالك 5: 229. جامع المقاصد 7: 282. [5] انظر: القواعد 2: 307. [6] مستمسك العروة 12: 139. [7] مستند العروة (الإجارة): 389. [8] العروة الوثقى 5: 112، م 19.