الكلام بحيث لا يصحّ لو لم يرد ذلك منه، بل الكلام يكون ظاهراً في إرادته أو بعيداً عدم إرادته منه، وذلك كقول الإمام الصادق عليه السلام في رواية ابن سنان:
«اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» [1].
فيعلم منه نجاسة هذه الأبوال؛ فإنّ النجاسة ليست منطوقاً للكلام ولا مفهوماً بمعناه الاصطلاحي، ولكنّها من لوازم المدلول وليست بحيث لو لم يرد منه ذلك لبطل الكلام.
وأمّا دلالة الإشارة فهي دلالة اللفظ على ما لا يراد منه في ظاهر الحال، وليس مقصوداً بالقصد الاستعمالي من شخص الكلام، كما في ضمّ أقارير المتّهم بعضها إلى بعض واستفادة أمر آخر عنها.
ففي الحقيقة تكون هي الأخذ باللّازم العقلي من مدلول كلامٍ واحد أو كلامين أو أكثر.
ولا يخلو تسميتها بالدلالة من مسامحة، وقد يمثّل لذلك بالآيتين الشريفتين: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ» [2]، و«وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً» [3] حيث يكون اللازم من ضمّ المدلولين أن يكون أقلّ الحمل ستّة أشهر.
نعم، المستفاد من بعض الكلمات جعل ذلك من دلالة المنطوق.
ثمّ إنّ الملاك في حجّية هذه الدلالات وعدمها تحقّق الظهور في المعنى عرفاً، فيكون مصداقاً لكبرى حجّية الظهور، وإلّا فلا، وهي في الأوّلين متحقّقة فيما إذا لم يكن مردّداً بين امور، وإلّا انجرّ الأمر إلى الإجمال، وفي الثالث محلّ كلام.
وتفصيل البحث بأكثر من ذلك يطلب من محلّه في علم الاصول [4]. [1] الوسائل 3: 405، ب 8 من النجاسات، ح 2
[2] البقرة: 233
[3] الأحقاف: 15
[4] انظر: قوانين الاصول: 71. هداية المسترشدين 2: 415- 418. مقالات الاصول 2: 348. اصول الفقه (المظفر) 1: 120- 125