ويؤيّده: ورود عنوان آخر في رواية اخرى لعليّ بن جعفر عطف فيها على الفراش والثياب والقصعة والمصافحة، عنوان مصاحبته التي من الواضح عدم كونها منجّسة، وإنّما لوحظ فيها الحزازة والحالة النفسية في قبال هؤلاء [1].
وأمّا السؤال الثاني في الرواية مع جوابه فهو وإن كان فيه دلالة على نجاسة الكافر إلّاأنّه يستلزم تخصيص قاعدة الطهارة، وهذا بنفسه مبتلى بالمعارضة بروايات بعضها صحيح السند، وفي ضوئها لابدّ من حمل الجواب المذكور على الاستحباب [2].
وأمّا القائلون بالطهارة فقد استدلّوا- مضافاً إلى الأصل [3]- بالكتاب والسنّة، أمّا الكتاب فقوله تعالى «وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ» [4]، بتقريب أنّه لو كانوا نجسين لاقتضى ذلك في العادة نجاسة طعامهم، ولمّا لم تشر الآية إلى ذلك دلّت على طهارتهم.
ويناقش بأنّ الطعام هنا قد يراد به خصوص القمح والبُر وهو ممّا لا ينجس- بالضرورة- بالملاقاة؛ لكونه جافاً في العادة، والآية بصدد بيان أصل حلّية طعامهم في نفسه لا حلّيته مع ملاحظة سائر العوارض الطارئة عليه.
وأمّا السنّة [5]فبعدّة روايات:
منها: ما رواه زكريّا بن إبراهيم، قال:
دخلت على أبي عبد اللَّه عليه السلام، فقلت: إنّي رجل من أهل الكتاب، وإنّي أسلمت وبقي أهلي كلّهم على النصرانيّة، وأنا معهم في بيت واحد لم أفارقهم بعد، فآكل من طعامهم؟ فقال لي: «يأكلون الخنزير؟» فقلت: لا، ولكنّهم يشربون الخمر، فقال لي: «كلْ معهم، واشرب» [6].
واستدلّ بعضهم بهذه الرواية على طهارتهم بالذات، وأنّ المانع عن مؤاكلتهم ليس إلّاابتلاؤهم بالنجاسة العرضيّة
[1] بحوث في شرح العروة 3: 268
[2] بحوث في شرح العروة 3: 268
[3] المدارك 2: 297. مستند الشيعة 1: 202. مصباحالفقيه 7: 247
[4] المائدة: 5. وانظر: المدارك 2: 297. مستند الشيعة 1: 202. مصباح الفقيه 7: 247
[5] المسالك 12: 87- 88. المدارك 2: 297- 298. مصباح الفقيه 7: 247- 250
[6] الوسائل 24: 211، ب 54 من الأطعمة المحرّمة، ح 5