القتال مع الكفّار مؤقّتاً أو أبداً، وبهذا يختلف معناه الاصطلاحي عن الأمن، وإلّا فهما مترادفان لغةً.
قال اللَّه تعالى: «ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ» [1]، أي موضع أمنه إن لم يُسلِم [2].
3- الاستجارة:
وهي طلب الجار رفع الأذى عن صاحبه [3]، ومنه: قوله سبحانه وتعالى: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللّهِ» [4]، أي وإن استأمنك أحد من المشركين الذين أمرتك بقتالهم ليسمع ما تدعو إليه من القرآن والدين، فأمّنه وامنحه المجال للتفكير حتى يتبيّن له محتوى دعوتك، فإذا أشرقت أنوار الهداية في قلوبهم فسيؤمنون بدعوتك [5].
ومن الواضح أنّ النسبة حينئذٍ هي العموم والخصوص المطلق؛ لأنّ في كلّ استجارة وإجارة بهذا المعنى أمنٌ، وليس كلّ أمنٍ يكون عن استجارة.
ثالثاً- الحكم الإجمالي ومواطن البحث:
تتّصل بالأمن في الفقه الإسلامي أحكام كثيرة، نشير إلى أهمّها إجمالًا فيما يلي:
1- استهداف الشريعة الأمن:
الإنسان اجتماعي بالطبع والذات، والمجتمع الإنساني لم يوجد حين وجد تامّاً كاملًا، بل هو كسائر الامور لم يزل يتكامل بتكامل الإنسان في كمالاته المادّية والمعنوية.
وبما أنّ الاختلاف من طبيعة الإنسان، والاختلاف والتشتّت في الآراء ممّا ينجرّ غالباً إلى الحرب والتنازع، لذا كان أوّل وأهمّ ما اريد في الاجتماع توفّر الأمن في الحياة البشرية؛ إذ مع وجود الأمن يتمكّن الفرد والمجتمع من الوصول إلى السعادة وتهذيب الأفراد وطهارتهم من الرذائل.
ويطمئنّ الناس في التفكير باتّباع الحقّ في النظر والعمل، وبواسطته يتوصّل إلى معرفة اللَّه عن طريق العبوديّة، وفيه تتحقّق سعادة الإنسان بسعادة جميع قواه. [1] التوبة: 6. [2] مجمع البحرين 1: 79. [3] التبيان 5: 175. [4] التوبة: 6. [5] التبيان 5: 175. الميزان 9: 153. الأمثل 5: 329.