النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أهل مكّة دليل على أنّ الأمان ليس عقداً دائماً، بل قد يكون إيقاعاً. رابعاً- صحّة الأمان ومشروعيته:
لا إشكال ولا خلاف في صحّة ومشروعيّة الأمان بين الفقهاء [1]، بل ادّعي عليه الإجماع بقسميه [2].
قال العلّامة الحلّي: «يجوز لواحد من المسلمين أن يذمّ لواحد من الكفّار ولعشرة، لا عامّاً ولا لأهل إقليم» [3].
وقال السيّد الخوئي: «يجوز جعل الأمان للكافر الحربي على نفسه أو ماله أو عرضه برجاء أن يقبل الإسلام، فإن قبل فهو، وإلّا ردّ إلى مأمنه» [4].
واستدلّ [5] لمشروعية الأمان بالكتاب والسنّة:
أمّا الكتاب فقوله تعالى: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ [6]) حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ» [7].
وأمّا السنّة فبأقسامها الثلاثة من القول والفعل والتقرير:
أمّا قولًا فبجملة من الروايات:
منها: رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «خطب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بمنى- إلى أن قال-: المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمّتهم أدناهم، هم يد على من سواهم» [8].
ومنها: ما رواه السكوني عنه عليه السلام أيضاً، قال: قلت له: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«يسعى بذمّتهم أدناهم؟» قال: «لو أنّ جيشاً من المسلمين حاصروا قوماً من المشركين فأشرف رجل فقال: اعطوني
[1] انظر: المبسوط 1: 549. التذكرة 9: 85. المنهاج (الخوئي) 1: 376، م 27. [2] جواهر الكلام 21: 92. [3] المختلف 4: 409. [4] المنهاج (الخوئي) 1: 376، م 27. [5] جواهر الكلام 21: 92. المنهاج (الخوئي) 1: 376، م 27. [6] أجره: أي أمّنه. لسان العرب 2: 415. [7] التوبة: 6. [8] الوسائل 29: 75، ب 31 من القصاص في النفس، ح 1.