والفقهاء يستعملونه في نفس معناه اللغوي.
ولعلّ حديثهم عن اعتصام الماء مرجعه إلى معنى مجازي، فكأنّ الماء صار بتمسّكه بمادته مانعاً عن حصول النجاسة والانفعال بها.
ثانياً- الحكم الإجمالي ومواطن البحث:
تعرّض الفقهاء لبيان حكم الاعتصام في أبواب متفرّقة من الفقه، كالطهارة والجهاد والصلح وغيرها، نشير إلى أهمّها فيما يلي:
1- الاعتصام بحبل اللَّه:
ذكر الفقهاء- في باب الأمر بالمعروف- من جملة المعروف المقابل للمنكر الاعتصام باللَّه [1]، قال اللَّه سبحانه وتعالى:
«وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»»
، وقال تعالى: «فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً» [3]، أي ومن أراد أن يهتدي إلى صراط مستقيم، ويدخله اللَّه عاجلًا في رحمته الواسعة ويجزل له الثواب من فضله ورحمته، فليعتصم باللَّه تعالى ويلوذ بلطفه ويتمسّك بهداياته وآياته ودينه وما انزل على رسوله [4].
وقال تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا» [5].
وقد ورد في رواية عن أبي عبد اللَّه الصادق عليه السلام أنّه قال: «أوحى اللَّه عزّوجلّ إلى داود: ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيّته، ثمّ يكيده السماوات والأرض ومن فيهنّ إلّاجعلت له المخرج من بينهنّ...» [6].
والمراد من الاعتصام باللَّه التمسّك بكلّ وسيلة تؤدّي إلى الارتباط به تعالى، سواء كانت في الإسلام أم القرآن الكريم أم النبي وأهل بيته الطاهرين. [1]
المنهاج (الحكيم) 1: 492. المنهاج (الخوئي) 1: 354. مهذّب الأحكام 15: 276. المنهاج (السيستاني) 1: 420. [2] آل عمران: 101. [3] النساء: 175. [4] انظر: الأمثل 2: 467، و3: 497. [5] آل عمران: 103. [6] الوسائل 15: 211، ب 10 من جهاد النفس، ح 2.