ثمّ إنّه كما لا تجب إعادة الوضوء لترك الاستنجاء كذلك لا تجب إعادة التيمم لذلك، كما صرّح به جماعة [1].
ورغم ذهاب المشهور إلى عدم وجوب إعادة الوضوء بترك الاستنجاء إلّاأنّ الكثير منهم حكموا باستحبابه [2].
واستدلّ له بأنّ ذلك هو مقتضى الجمع بين الأخبار المتعارضة [3].
إلّاأنّ بعض الفقهاء ناقش في صحّة هذا الجمع وعرفيّته في الأوامر والنواهي الوضعيّة الظاهرة في الإرشاد إلى الشرطيّة أو المانعيّة؛ لعدم تعقّل المراتب في ذلك، بخلاف الأوامر التكليفيّة [4].
خامساً- بطلان الصلاة مع ترك الاستنجاء:
المشهور بين الفقهاء [5] بطلان الصلاة مع عدم الاستنجاء عمداً أو سهواً، ووجوب إعادتها في الوقت وقضائها خارجه [6] بمقتضى الروايات الدالّة على شرطيّته [7]، كصحيحة ابن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: أبول وأتوضّأ وأنسى استنجائي ثمّ أذكر بعدما صلّيت، قال: «اغسل ذكرك، وأعد صلاتك، ولا تُعد وضوءك» [8].
وذهب ابن الجنيد إلى أنّه إذا ترك غسل البول ناسياً تجب عليه الإعادة في الوقت وتستحب خارجه [9].
ولعلّ مستنده الجمع بين ما دلّ باطلاقه على وجوب الإعادة وبين خبر عمرو بن أبي نصر، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّي صلّيت فذكرت أنّي لم أغسل ذكري بعدما صلّيت أفأعيد؟ قال: «لا». وخبر هشام ابن سالم عنه عليه السلام أيضاً في الرجل يتوضأ
[1] الخلاف 1: 98، م 45. الذكرى 1: 173. جامع المقاصد 1: 107. جواهر الكلام 2: 369. [2] المختلف 1: 105، نقلًا عن ابن أبي عقيل، قال: «الأولى إعادة الوضوء بعد الاستنجاء». المدارك 1: 259. التهذيب 1: 49، ذيل الحديث 142. وانظر: كشف اللثام 1: 244. [3] التهذيب 1: 49، ذيل الحديث 142. المدارك 1: 259. [4] انظر: التنقيح في شرح العروة (الطهارة) 4: 359- 360. [5] المختلف 1: 103. الذخيرة: 19. مشارق الشموس: 87. الحدائق 2: 22. الرياض 1: 280. جواهر الكلام 2: 364- 365. [6] المبسوط 1: 46. المعتبر 1: 174. الدروس 1: 90. كشف اللثام 1: 589. [7] الحدائق 2: 23. جواهر الكلام 2: 365. [8] الوسائل 1: 294، ب 18 من نواقض الوضوء، ح 3. [9] نقله عنه في المختلف 1: 103.