responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية المؤلف : موسسه دائرة المعارف الفقه الاسلامي    الجزء : 11  صفحة : 467
بالنذر هي قدرة شرعية، ولكن ببيان آخر، هو: أنّ الأمر في المقام لا يصل إلى التزاحم؛ وذلك لأنّ وجوب الوفاء بالنذر ليس واجباً ابتدائيّاً مجعولًا من قبل الشريعة المقدّسة على المكلّفين نظير وجوب الصلاة والصيام وأمثالهما، وإنّما هو واجب إمضائي بمعنى أنّه إلزام من اللَّه تعالى بما التزم المكلّف على نفسه بالقيام بشي‌ء للَّه تعالى، نظير باب العقود، فإنّ البائع يلتزم على نفسه تمليك ماله للمشتري، والشارع المقدّس يمضي التزامه ويلزمه بالوفاء بالتزامه، فالعمل الذي يلتزم به الناذر للَّه تعالى لا بدّ أن يكون قابلًا للإضافة إليه سبحانه ومرتبطاً به نحو ارتباط، ومن هنا اعتبروا الرجحان في متعلّق النذر، وإلّا لو كان خالياً عن الرجحان لم يكن قابلًا للإضافة إليه تعالى كنذر المباحات الأصليّة التي لا رجحان فيها ولا ترتبط به جلّ اسمه، ولذا عبّر بعضهم عن ذلك بأن لا يكون النذر محلّلًا للحرام وبالعكس، مع أنّ هذا لم يرد في النذر وإنّما ورد في الشرط.
والحاصل: أنّه لا بدّ أن يكون العمل المنذور الملتزم به على نفسه راجحاً في نفسه وقابلًا للإضافة إليه تعالى، وإلّا فلا ينعقد النذر.
والنتيجة: أنّ كلّ عمل استلزم ترك واجب، أو فعل محرّم لا يمكن إسناده وإضافته إلى اللَّه تعالى، فلا تشمله أدلّة وجوب الوفاء بالنذر؛ لقصور دليل الإمضاء لمثل هذه الموارد، فينحلّ النذر فيها، فلا يصل الأمر إلى التزاحم فضلًا عن أن يرفع النذر موضوع الاستطاعة.
وعلى هذا فيكون وجوب الحجّ مطلقاً غير مشروط بشي‌ء سوى الاستطاعة المفسّرة في النصوص بامور خاصّة، وأمّا القدرة الشرعية المصطلحة فغير مأخوذة فيه، بخلاف النذر فإنّه مشروط بأن لا يكون محلّلًا للحرام ومحرّماً للحلال ومستلزماً لترك واجب أو إتيان محرّم، وعليه فلا يقع التزاحم بين النذر والحجّ أصلًا [1]).
والوجه الثالث لترجيح‌ وجوب الحجّ على النذر هو أنّ القدرة في الحجّ عقليّة، وفي وجوب الوفاء بالنذر شرعية باعتبار ما ورد في لسان أدلّة وجوب الوفاء بالشرط ونحوه من: «أنّ شرط اللَّه قبل شرطكم» [2] الظاهر في أنّ هذا الوجوب لا يزاحم وجوباً شرطه اللَّه تعالى [3]).
ثمّ إنّه تظهر الثمرة بين الوجه الثاني والوجه الذي ذكره السيّد الخوئي فيما لو عصى ولم يحجّ، فعلى الوجه الثاني يجب الوفاء بالنذر؛ لتعلّق الأمر الترتّبي به، وأمّا بناءً على الوجه المذكور في كلام السيّد الخوئي فلا يجب؛ لعدم جريان الترتّب في أمثال المقام؛ لأنّ الترتّب إنّما يجري في الواجبين الفعليّين اللذين يشتمل كلّ منهما على ملاك ملزم ولكن لا يمكن أن يجمع المكلّف بينهما في مقام الامتثال، وفي المقام ما التزم به المكلّف في نذره إنّما هو مطلق مستلزم لترك الحجّ، وهو غير قابل للإمضاء، فليس فيه ملاك ملزم، وأمّا
[1] معتمد العروة (الحجّ) 1: 147- 149.
[2] الوسائل 22: 35- 36، ب 13 من مقدّمات الطلاق، ح 2.
[3] بحوث في علم الاصول 7: 139.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية المؤلف : موسسه دائرة المعارف الفقه الاسلامي    الجزء : 11  صفحة : 467
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست