وأمّا في موارد الاستصناع المتعارف خارجاً فليس للمستصنِع غرض وتعهّد آخر وراء تعهّده واتّفاقه مع الصانع على تملّكه منذ بداية الأمر للمصنوع الذي يريده في قبال العوض الذي توافقا عليه، وعلى هذا فلا معنى لإنشاء حقّ من سنخ العهدة في المقام ولو كان هذا وحده كافياً في صدق العقد.
وثانياً: أنّ تلك الخصوصيّة والعناية المفترضة في هذا البيان لا تختصّ بالمصنوعات، بل قد تكون في الأعيان أو الأموال التجاريّة، كأن يتّفق التاجر مع آخر على أن يهيّئ له في الشتاء- مثلًا- ما يحتاج إليه على أن يشتريه منه بقيمته في وقته [1]).
وهكذا يظهر من خلال المناقشات الواردة على هذا الاحتمال والتخريج أنّ الاستصناع بمعناه المتعارف لا يكون عقداً مستقلّاً.
2- تخريج الاستصناع على أنّه بيع (عقد معاوضة):
وهناك عدّة احتمالات لتخريج الاستصناع على أساس أنّه بيع:
أ- أن يكون بيعاً لشيء شخصي موجود بالفعل، وعليه فالمنشأ هو ملكيّة الشيء الشخصي الموجود بالفعل.
ومن الواضح أنّه لا يعقل أن يكون ذلك الشيء هو المتاع الذي يريده المستصنِع؛ إذ المفروض أنّه لم يصنع بعدُ، فلا يكون حينئذٍ موجوداً بالفعل، وأمّا المادّة الأصليّة- كالخشب بالنسبة إلى السرير- فإنّها وإن كانت موجودةً بالفعل حين وقوع المعاملة إلّا أنّ غرض المستصنِع ليس ذات المادّة الأصليّة، بل غرضه هو العين المصنوعة.
ولكن قد يقال: إنّه يمكن تصوير ذلك فيما إذا كان هناك شيء موجود بالفعل قد صنع جزءٌ منه، ولم يصنع منه جزء آخر، كالسجّاد الذي لم يكمل صنعه فيشتريه المستصنِع ويشترط عليه أن يكمل صنعه.
وقد اورد عليه:
أوّلًا: بأنّه خلاف الارتكاز العرفي في موارد الاستصناع؛ لأنّه لو لم يصنع الباقي ولم يكمله فإنّ لازمه أن يكون المستصنِع مالكاً للناقص، غايته أنّ له خيار الفسخ؛
[1] انظر: الإجارة (الشاهرودي) 1: 42- 43.