وأمّا إذا كان ما يستصبح به متنجّساً- وهو ما كان طاهراً في حدّ ذاته كالدهن المتّخذ من النباتات الطاهرة ولكن أصابه النجس- فيجوز الاستصباح به بلا خلاف [1]، بل ادّعي عليه الإجماع [2]).
كما أنّ النصوص صريحة في ذلك، مثل ما ورد في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت فيه، فإن كان جامداً فألقها وما يليها وكل ما بقي، وإن كان ذائباً فلا تأكله واستصبح به، والزيت مثل ذلك» [3]).
ومقتضى إطلاق هذا الصحيح ونحوه بل وأصل البراءة- بعد عدم دليل صالح للتقييد- جواز الاستصباح بالمتنجّس مطلقاً ولو لم يكن تحت السماء، كما صرّح به غير واحد من الفقهاء [4]، إلّا أنّ المشهور والمعروف تقييده بكونه تحت السماء [5]).
واستدلّ على ذلك بامور:
1- الشهرة الفتوائيّة على حرمة الاستصباح تحت السقف.
ويرد عليه: أنّها وإن كانت مسلّمة إلّا أنّها ليست بحجّة [6]).
2- ما أرسله الشيخ الطوسي في المبسوط من جواز الاستصباح به تحت السماء [7]).
ويرد عليه: أنّه على تقدير تسليم كون العبارة المذكورة رواية لا يجوز العمل بها؛ للإرسال [8]).
3- إنّ الاستصباح تحت الظلال يوجب تنجيس السقف؛ لتصاعد بعض الأجزاء الدهنيّة قبل إحالة النار إيّاه إلى أن تلاقي السقف فهو حرام.
ويرد عليه:
أوّلًا: أنّ دخان النجس كرماده ليس
[1] مجمع الفائدة 11: 218. جواهر الكلام 36: 385. [2] جواهر الكلام 36: 853. [3] الوسائل 24: 194- 195، ب 43 من الأطعمة المحرّمة، ح 2. [4] الروضة 3: 208. الحدائق 18: 89. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) 1: 105. مصباح الفقاهة 1: 126. [5] مصباح الفقاهة 1: 125. [6] مصباح الفقاهة 1: 125. [7] المبسوط 6: 283. [8] انظر: مصباح الفقاهة 1: 125.