شُورى بَيْنَهُمْ» [1] في مدح المؤمنين، وذكر بعض المفسّرين أنّ فيه إشارة إلى أنّهم أهل الرشد وإصابة الواقع يمعنون في استخراج صواب الرأي بمراجعة العقول، فالآية قريبة المعنى من قول اللَّه تعالى: «الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ» [2][3]).
وكذا قوله تعالى آمراً نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم:
«وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» [4]، والمراد المشاورة في أمر الحرب وغيره ممّا يصحّ أن يشاور فيه استظهاراً برأيهم وتطييباً لنفوسهم وتمهيداً لسنة المشاورة للُامّة [5]، وإنّما يصحّ التشاور فيما إذا لم يرد فيه من اللَّه ورسوله حكم فقد قال اللَّه سبحانه:
«وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً» [6]، ولا شكّ في أنّ أمر وصاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإمامة الامّة بعده من الامور التي لا يصحّ التشاور فيها [7]).
وأمّا الروايات الدالة على مطلوبية المشاورة ومبغوضية الاستبداد بالرأي والعجب فهي كثيرة:
منها: رواية السري بن خالد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «فيما أوصى به رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً عليه السلام قال: لا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير» [8]).
ومنها: رواية ابن القدّاح عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السلام قال: «قيل: يا رسول اللَّه ما الحزم؟ قال: مشاورة ذوي الرأي واتّباعهم» [9]).
ومنها: ما عن علي عليه السلام: «لا وحدة أوحش من العجب ... ولا مظاهرة أوثق من المشاورة» [10]).
ومنها: ما عنه عليه السلام: لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا ظهير كالمشاورة [11]). [1]
الشورى: 38. [2] الزمر: 18. [3] الميزان 18: 63. [4] آل عمران: 159. [5] انظر: التفسير الصافي 1: 395. [6] الأحزاب: 36. [7] انظر: معالم المدرستين 1: 168- 169. [8] الوسائل 12: 39، ب 21 من أحكام العشرة، ح 2. [9] الوسائل 12: 39، ب 21 من أحكام العشرة، ح 1. [10] نهج البلاغة: 488، الكتاب 113. [11] الوسائل 12: 40، ب 21 من أحكام العشرة، ح 5.