لدليل شرعي من آية أو رواية، بل إنّما هو قاعدة مستنبطة من الأدلّة الخاصّة الواردة في موارد معيّنة من الثوب والبدن والماء ونحوها، فالجسم في العبارة المذكورة لا موضوعيّة له، بل هو عنوان انتزاعي مشير إلى تلك العناوين الخاصّة، فللصور النوعيّة والعناوين الخاصّة دخالة في حكم النجاسة، فإذا زالت بالاستحالة زال عنها حكمها كما هو الحال في الأعيان النجسة [1]).
ونوقش فيه بمنع دخالة العناوين المشخّصة في حكم النجاسة في المتنجّسات، وأنّ موضوعها هو الجسم أو الشيء، ولا خصوصيّة للعناوين المذكورة في الأدلّة، ويشهد لذلك صحّة الحكم بنجاسة كلّ ما لاقى النجس وإن لم يذكر بخصوصه في الأدلّة، فإنّ لازم ذلك عدم دخل شيء من الخصوصيّات في ترتّب حكم النجاسة، مع أنّه وإن لم ترد في النصوص العبارة المتقدّمة إلّا أنّه قد ورد فيها ما يوافق هذا المضمون، كقوله عليه السلام في موثّق عمّار في الرجل يجد في إنائه فأرة: «إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضّأ أو يغسل ثيابه، ثمّ فعل ذلك بعد ما رآها في الإناء فعليه أن يغسل ثيابه، ويغسل كلّ ما أصابه ذلك الماء» [2]).
فإنّ معنى قوله عليه السلام: «يغسل كلّ ما أصابه» يغسل كلّ شيء أصابه [3]).
وثانياً: بأنّ هناك فرقاً بين التبدّل في الخصوصيّات الشخصيّة أو الصنفيّة كما في تبدّل الثوب قطناً أو القطن ثوباً أو صيرورة الحنطة طحيناً أو خبزاً، وبين التبدّل في الأوصاف النوعيّة كتبدّل الثوب المتنجّس تراباً أو الخشب المتنجّس رماداً، ففي الأوّل أنّ النجاسة العارضة على تلك الأشياء بملاقاة النجس لا ترتفع عنها بالتبدّل في تلك الأوصاف؛ لأنّ الثوب هو القطن حقيقةً، وإنّما يختلفان في وصف التفرّق والاتّصال، كما أنّ الحنطة هي الخبز واقعاً، وإنّما يفترقان في الطبخ وعدمه، والنجاسة مترتّبة على عنوان الجسم أو الشيء، وهما صادقان بعد التبدّل أيضاً، بل الشيء قبله هو الشيء بعده بعينه عقلًا وعرفاً، والتبدّل في الأوصاف الشخصيّة أو
[1] فرائد الأصول (تراث الشيخ الأعظم) 3: 297- 298. [2] الوسائل 1: 142، ب 4 من الماء المطلق، ح 1. [3] التنقيح في شرح العروة (الطهارة) 3: 170.