محكوماً بالنجاسة أو الطهارة، وعلى هذا فانتفاء الحكمين من باب القضيّة السالبة بانتفاء الموضوع [1]).
والضابط في الاستهلاك- كما في الاستحالة- هو نظر العرف لا العقل.
والفرق بين الاستهلاك والاستحالة هو أنّ الاستهلاك انعدام الشيء عرفاً بحيث لا يبقى له أثر ظاهر وإن كان موجوداً واقعاً، وأمّا الاستحالة فإنّها تحوّل حقيقة الشيء إلى حقيقة اخرى لا انعدامها، ففي الاستحالة تتحوّل صورة الشيء النوعيّة إلى صورة اخرى، إلّا أنّ الصورة الجنسيّة أو ذات الشيء باقية في الاستحالة، وأمّا في الاستهلاك فلا يبقى شيء أصلًا [2]).
والتفصيل موكول إلى محلّه.
(انظر: استهلاك)
ثالثاً- الاستحالة بمعنى التحوّل:
الأوّل- مطهريّة الاستحالة:
عدّ كثير من الفقهاء الاستحالة بهذا المعنى من جملة المطهّرات من دون فرق في ذلك بين استحالة الأعيان النجسة وبين استحالة الأشياء المتنجّسة، فالنطفة- مثلًا- تطهر إذا استحالت حيواناً طاهراً، وكذا الخشب المتنجّس يطهر إذا استحال رماداً.
ولكن نبّه بعض الفقهاء هنا على أنّ نتيجة الاستحالة وإن كانت طهارة الموضوع الجديد وزوال النجاسة عنه إلّا أنّ هناك مسامحة في عدّها مطهّرة؛ لأنّ فرض المطهّرية هو فرض انحفاظ موضوع النجاسة وذات النجس ثمّ زوال النجاسة عنه، وفي مورد الاستحالة لم ينحفظ ذات النجس؛ لأنّ الاستحالة توجب انعدامها لا أنّها توجب عروض الطهارة على الجسم مع بقائه على حاله كما في أكثر المطهّرات [3]).
ومن هنا قد تكون الاستحالة موجبة لتغيّر الحكم من الطهارة إلى النجاسة ومن الحليّة إلى الحرمة، فالجسم الطاهر ينجس إذا استحال إلى أحد الأعيان النجسة، كما
[1] انظر: العروة الوثقى 1: 272- 273، وتعليقاتها. [2] التنقيح في شرح العروة (الطهارة) 3: 193- 194. [3] انظر: العروة الوثقى 1: 267، تعليقة الحكيم، رقم 3، وتعليقة الخميني، رقم 4. التنقيح في شرح العروة (الطهارة) 3: 168- 169.