رابعاً- الآثار المترتّبة على الاستبصار:
للاستبصار آثار متعدّدة في مجالات مختلفة، وهي كالتالي:
أ- عدم وجوب قضاء العبادات السابقة عدا الزكاة:
المعروف بين فقهائنا أنّ المخالف إذا استبصر لا يجب عليه قضاء ما أتى به من العبادات السابقة سوى الزكاة [1]، بل ادّعي الإجماع على ذلك [2]، وفي الحجّ بحث سيأتي، وعلى كلّ حال فقد وردت في هذا الحكم روايات:
منها: صحيحة بريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في حديث قال: «كلّ عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته، ثمّ منّ اللَّه عليه وعرّفه الولاية، فإنّه يؤجر عليه إلّا الزكاة؛ لأنّه وضعها في غير موضعها؛ لأنّها لأهل الولاية، وأمّا الصلاة والحجّ والصيام فليس عليه قضاء» [3]).
ومنها: صحيحة ابن اذينة قال: كتب إليّ أبو عبد اللَّه عليه السلام: «أنّ كلّ عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه، ثمّ منّ اللَّه عليه وعرّفه هذا الأمر فإنّه يؤجر عليه ويكتب له إلّا الزكاة فإنّه يعيدها؛ لأنّه وضعها في غير موضعها، وإنّما موضعها أهل الولاية، وأمّا الصلاة والصوم فليس عليه قضاؤهما» [4]).
ومنها: صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه عليهما السلام أنّهما قالا: في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحروريّة والمرجئة والعثمانيّة والقدريّة، ثمّ يتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رأيه، أ يعيد كلّ صلاة صلّاها أو صوم أو زكاة أو حجّ، أو ليس عليه إعادة شيء من ذلك؟: «ليس عليه إعادة شيء من ذلك غير الزكاة، لا بدّ من أن يؤدّيها؛ لأنّه وضع الزكاة في غير موضعها، وإنّما موضعها أهل الولاية» [5]).
وبهذه الأخبار يتّضح التخصيص في أدلّة الأحكام الواقعيّة، وأنّها لا تعمّ المخالف الذي استبصر بعد قيامه بالأعمال
[1] مصباح الفقيه 13: 92. مستند العروة (الصلاة) 1/ 5: 127- 128. [2] انظر: مصباح الفقيه 13: 92. [3] الوسائل 1: 125- 126، ب 31 من مقدّمة العبادات، ح 1. [4] الوسائل 9: 217، ب 3 من المستحقّين للزكاة، ح 3. [5] المصدر السابق: 216، ح 2.