responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 3  صفحة : 188
والفتوحات والحروب ثم الاتفاق والجماعة أوردتها ملخصة عيونها ومجامعها من كتاب محمد بن جرير الطبري وهو تاريخه الكبير فإنه أوثق ما رأيناه في ذلك وأبعد من المطاعن عن الشبه في كبار الأمة من خيارهم وعدولهم من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين فكثيرا ما يوجد في كلام المؤرخين أخبار فيها مطاعن وشبه في حقهم أكثرها من أهل الأهواء فلا ينبغي أن تسود بها الصحف وأتبعتها بمفردات من غير كتاب الطبري بعد أن تخيرت الصحيح جهد الطاقة وإذا ذكرت شيئا في الأغلب نسبته إلى قائله وقد كان ينبغي أن تلحق دولة معاوية وأخباره بدول الخلفاء وأخبارهم فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة ولا ينظر في ذلك إلى حديث الخلافة بعدي ثلاثون سنة فإنه لم يصح والحق ان معاوية في عداد الخلفاء وانما أخره المؤرخون في التأليف عنهم لامرين (الأول) ان الخلافة لعهده كانت مغالبة لاجل ما قدمناه من العصبية التي حدثت لعصره وأما قبل ذلك كانت اختيارا واجتماعا فميزوا بين الحالتين فكان معاوية أول خلفاء المغالبة والعصبية الذين يعبر عنهم أهل الأهواء بالملوك ويشبهون بعضهم ببعض وحاشى الله ان يشبه معاوية بأحد ممن بعده فهو من الخلفاء الراشدين ومن كان تلوه في الدين والفضل من الخلفاء المروانية ممن تلاه في المرتبة كذلك وكذلك من بعدهم من خلفاء بنى العباس ولا يقال ان الملك أدون رتبة من الخلافة فكيف يكون خليفة ملكا (واعلم) ان الملك الذي يخالف بل ينافي الخلافة هو الجبروتية المعبر عنها بالكسروية التي أنكرها عمر على معاوية حين رآى ظواهرها واما الملك الذي هو الغلبة والقهر بالعصبية والشوكة فلا ينافي الخلافة ولا النبوة فقد كان سليمان بن داود وأبوه صلوات الله عليهما نبيين وملكين كانا على غاية الاستقامة في دنياهما وعلى طاعة ربهما عز وجل ومعاوية لم يطلب الملك ولا أبهته للاستكثار من الدنيا وانما ساقه أمر العصبية بطبعها لما استولى المسلمون على الدول كلها وكان هو خليفتهم فدعاهم بما يدعو الملوك إليه قومهم عندما تستفحل العصبية وتدعو لطبيعة الملك وكذلك شأن الخلفاء أهل الدين من بعده إذا دعتهم ضرورة الملك إلى استفحال أحكامه ودواعيه والقانون في ذلك عرض أفعالهم على الصحيح من الاخبار لا بالواهي فمن جرت أفعاله عليها فهو خليفة النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين ومن خرجت أفعاله عن ذلك فهو من ملوك الدنيا وانما سمى خليفة بالمجاز (الامر الثاني) في ذكر معاوية مع خلفاء بنى أمية دون الخلفاء الأربعة انهم كانوا أهل نسب واحد وعظيمهم معاوية فجعل مع أهل نسبه والخلفاء الأولون مختلفو الأنساب فجعلوا في نمط واحد وألحق بهم عثمان وان كان من أهل هذا النسب للحوقه بهم قريبا في الفضل والله يحشرنا في زمرتهم ويرحمنا بالاقتداء بهم
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 3  صفحة : 188
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست