أَلَا لَيْتَ هَذَا اللَّيْلَ طَبَّقَ سَرْمَداً
عَلَى النَّاسِ لَا يَأْتِيهِمُ بِنَهَارٍ[1]
يَكُونُ كَذَا حَتَّى الْقِيَامَةِ إِنَّنِي
أُحَاذِرُ فِي الْإِصْبَاحِ ضَرْمَةَ نَارِ[2]
فَيَا لَيْلُ طَبِّقْ إِنَّ فِي اللَّيْلِ رَاحَةً
وَ فِي الصُّبْحِ قَتْلِي أَوْ فَكَاكُ إِسَارِي
وَ لَوْ كُنْتُ تَحْتَ الْأَرْضِ سِتِّينَ وَادِياً
لَمَا رَدَّ عَنِّي مَا أَخَافُ حِذَارِي
فَيَا نَفْسُ مَهْلًا إِنَّ لِلْمَوْتِ غَايَةً
فَصَبْراً عَلَى مَا نَابَ يَا ابْنَ ضِرَارِ
أَ أَخْشَى وَ لِي فِي الْقَوْمِ رِحْمٌ قَرِيبَةٌ
أَبَى اللَّهُ أَنْ أَخْشَى وَ الْأَشْتَرُ جَارِي[3]
وَ لَوْ أَنَّهُ كَانَ الْأَسِيرَ بِبَلْدَةٍ
أُطَاعُ بِهَا شَمَّرْتُ ذَيْلَ إِزَارِي
وَ لَوْ كُنْتُ جَارَ الْأَشْعَثِ الْخَيْرِ فَكَّنِي
وَ قَلَّ مِنَ الْأَمْرِ الْمَخُوفِ فِرَارِي
وَ جَارَ سَعِيدٍ أَوْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ
وَ جَارَ شُرَيْحِ الْخَيْرِ قَرَّ قَرَارِي
وَ جَارَ الْمُرَادِيِّ الْعَظِيمِ وَ هَانِئٍ
وَ زَحْرِ بْنِ قَيْسٍ مَا كَرِهْتُ نَهَارِي[4]
وَ لَوْ أَنَّنِي كُنْتُ الْأَسِيرَ لِبَعْضِهِمْ
دَعَوْتُ رَئِيسَ الْقَوْمِ عِنْدَ عِثَارِي
أُولَئِكَ قَوْمِي لَا عَدِمْتُ حَيَاتَهُمْ
وَ عَفْوَهُمُ عَنِّي وَ سَتْرَ عُوَارِي[5].
فَغَدَا بِهِ الْأَشْتَرُ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْمَسْلَحَةِ لَقِيتُهُ بِالْأَمْسِ فَوَ اللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ قَتْلَهُ الْحَقُّ قَتَلْتُهُ وَ قَدْ بَاتَ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ وَ حَرَّكَنَا بِشِعْرِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ الْقَتْلُ فَاقْتُلْهُ وَ إِنْ غَضِبْنَا فِيهِ وَ إِنْ سَاغَ لَكَ الْعَفْوُ عَنْهُ[6] فَهَبْهُ لَنَا قَالَ: «هُوَ لَكَ يَا مَالِكُ فَإِذَا أَصَبْتَ مِنْهُمْ أَسِيراً فَلَا تَقْتُلْهُ فَإِنَّ أَسِيرَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لَا يُفَادَى وَ لَا يُقْتَلُ» فَرَجَعَ بِهِ الْأَشْتَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ قَالَ: لَكَ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ لَيْسَ لَكَ عِنْدَنَا غَيْرُهُ.
[1] ح:« أصبح سرمدا».
[2] ح:« يوم بوار». و البوار: الهلاك.
[3] ح( 2: 303):« و مالك جارى»، و مالك هو الأشتر.
[4] ح:« المرادى الكريم».
[5] العوار، مثلثة: العيب.
[6] في الأصل:« و إن كنت فيه بالخيار» و أثبت ما في ح.