وَ رَضِينَا بِكُلِّ كَهْلٍ كَرِيمِ
ثَابِتٍ أُسُّهُ مِنَ الْقَمْقَامِ[1].
.
[مبارزة هانئ ليعمر بن أسيد]
نَصْرٌ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُتْبَةَ الْكِنْدِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ فَقَالَ:: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ يُدْعَى بِهَانِيِ بْنِ نَمِرٍ[2] وَ كَانَ هُوَ اللَّيْثَ النَّهْدَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَدْعُو إِلَى الْمُبَارَزَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْكُمْ رَجُلٌ إِلَى هَذَا فَلَوْ لَا أَنِّي مَوْعُوكٌ وَ أَنِّي أَجِدُ لِذَلِكَ ضَعْفاً شَدِيداً لَخَرَجْتُ إِلَيْهِ؟ فَمَا رَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئاً فَوَثَبَ[3] فَقَالَ أَصْحَابُهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ تَخْرُجُ وَ أَنْتَ مَوْعُوكٌ قَالَ: وَ اللَّهِ لَأَخْرُجَنَّ إِلَيْهِ وَ لَوْ قَتَلَنِي فَلَمَّا رَآهُ عَرَفَهُ وَ إِذَا الرَّجُلُ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ: يَعْمَرُ بْنُ أُسَيْدٍ[4] الْحَضْرَمِيُّ وَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ فَقَالَ لَهُ: يَا هَانِئُ ارْجِعْ فَإِنَّهُ إِنْ يَخْرُجْ إِلَيَّ غَيْرُكَ أَحَبُّ إِلَيَّ إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ قَتْلَكَ قَالَ لَهُ هَانِئٌ: مَا خَرَجْتُ إِلَّا وَ أَنَا مُوَطِّنٌ نَفْسِي عَلَى الْقَتْلِ لَا وَ اللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ الْيَوْمَ حَتَّى أُقْتَلَ مَا أُبَالِي قَتَلْتَنِي أَنْتَ أَوْ غَيْرُكَ ثُمَّ مَشَى نَحْوَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ فِي سَبِيلِكَ وَ سَبِيلِ رَسُولِكَ وَ نَصْراً لِابْنِ عَمٍّ نَبِيِّكَ ثُمَّ اخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَ هَانِئٌ صَاحِبَهُ وَ شَدَّ أَصْحَابُهُ نَحْوَهُ وَ شَدَّ أَصْحَابُ هَانِئٍ نَحْوَهُ ثُمَّ اقْتَتَلُوا وَ انْفَرَجُوا عَنِ اثْنَيْنِ وَ ثَلَاثِينَ قَتِيلًا ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً أَرْسَلَ إِلَى النَّاسِ «أَنِ احْمِلُوا» فَحَمَلَ النَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ كُلُّ قَوْمٍ بِحِيَالِهِمْ[5] فَتَجَالَدُوا بِالسُّيُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ لَا يُسْمَعُ إِلَّا صَوْتُ ضَرْبِ الْهَامَاتِ كَوَقْعِ الْمَطَارِقِ عَلَى السَّنَادِينِ[6] وَ مَرَّتِ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا وَ لَمْ يُصَلُّوا إِلَّا تَكْبِيراً
[1] القمقام: العدد الكثير. قال ركاض بن أباق:
* من نوفل في الحسب القمقام*
[2] ح (2: 285): «بن فهد».
[3] في ح: «فقام و شد عليه سلاحه ليخرج».
[4] ح: «بن أسد».
[5] ح (2: 286): «كل منهم يحمل على من بإزائه».
[6] في الأصل: «لا يسمع إلّا صوت السنادين» و أثبت ما في ح.