فقال عليه السّلام: يا ابن عباس، لست من هنيئاتك و هنيئات معاوية في شيء، تشير عليّ و أرى، فإذا عصيتك فأطعني.
فقلت له: أفعل، فإن أيسر ما لك عندي الطاعة. و كنت قد قدمت المدينة (من الحج سنة 35) بعد مقتل عثمان بخمسة أيام [1] بل لعلّ الصحيح بعد بيعة عليّ عليه السّلام بخمسة أيام.
و قد جاء في خبر آخر للطبري عن الواقدي عن ابن عباس أيضا قال:
قدمت المدينة و قد بويع لعلي عليه السّلام فأتيته إلى داره فوجدت المغيرة بن شعبة قد أشار عليه أن يقر عمّال عثمان على أعمالهم يبايعون له الناس و لا سيّما معاوية، فقلت (لعلي عليه السّلام) : إنك تعلم أن معاوية و أصحابه أهل دنيا، فمتى تثبتهم لا يبالوا بمن يلي هذا الأمر، و متى تعزلهم يؤلّبون عليك و يقولون: هو قتل صاحبنا و أخذ هذا الأمر بغير شورى، فينتقض عليك أهل الشام و العراق، مع أني لا آمن أن يكرّ عليك طلحة و الزبير!
فقال علي عليه السّلام: أما ما ذكرت من إقرارهم؛ فو اللّه ما أشك أن ذلك خير في عاجل الدنيا لإصلاحها؛ و أما الذي يلزمني من الحق و المعرفة بعمّال عثمان فو اللّه لا اولّي منهم أحدا أبدا، فإن قبلوا فذلك خير لهم، و إن أدبروا بذلت لهم السيف!
ثم قال لي: سر إلى الشام فقد ولّيتكها!
فقلت له: إن معاوية رجل من بني أميّة، و هو ابن عمّ عثمان و عامله على الشام، و إن أدنى ما هو صانع بي أن يحبسني فيتحكّم عليّ، بل لست آمن أن يضرب عنقي لعثمان؛ لقرابة ما بيني و بينك و أن كلّ ما يحمّله عليك يحمّله عليّ!و لكن اكتب إلى معاوية فعده و منّه!
[1] تاريخ الطبري 4: 440-441. و الجملة الأخيرة من الخبر في نهج البلاغة، الحكمة 321.