فقال: منعتنيه و أنا محتاج إليه و تعطينيه و أنا غنيّ عنه؟لا حاجة لي به! فقام و خرج.
و أقام ابن مسعود مغاضبا لعثمان، حتى أوصى إلى عمّار بن ياسر أن يصلّي عليه و لا يخبر به عثمان و لما توفى كان عثمان غائبا (و لعلّه كان في الحج) فصلّى عليه عمار و ستر أمره، فلما رجع عثمان رأى القبر فسأل عنه فقيل: هو قبر عبد اللّه بن مسعود، ولى أمره عمار بن ياسر و ذكر أنه أوصى أن لا يخبر به.
ثم لم يمض إلاّ يسيرا حتى مات المقداد بن الأسود الكندي في منزله بالجرف و حمل إلى بقيع المدينة و كان قد أوصى إلى عمار أيضا فصلّى عليه عمّار و لم يخبر به عثمان، و بلغه ذلك فقال: و يلي على ابن السوداء!أما لقد كنت به عليما و غضب عليه [1] .
و كانت وفاة ابن مسعود في عام (32 هـ) [2] و كان رجلا نحيفا قصيرا يكاد الجلوس يوارونه، آدم شديد الأدمة، و كان لا يغيّر شيبه. و كان له أبناء ثلاثة و أخوه عتبة [3] .
و كان المقداد رجلا طويلا طوال آدم، كثير شعر الرأس، مقرونا أعين أقنى، يصفرّ لحيته، بطينا [4] و كان يشكو من بطنه فشرب دهن الخروع-نبات-فمات [5] عام (33 هـ) [6] و لعله أوائله و له سبعون عاما [7] .