اسم الکتاب : تاريخ مدينة دمشق المؤلف : ابن عساكر الجزء : 35 صفحة : 399
٣٩٥٦ ـ عبد الرّحمن بن مروان بن سالم بن المبارك
أبو محمّد التّنوخي المعرّي الواعظ المعروف بابن المنجم [١]
كان أبوه منجما رأيته يجلس على الطريق ، وكان عبد الرّحمن ينشد في صباه في الأسواق ، ويمشي على الدكاكين ، وكان في صوته شجى ، ثم خرج عن دمشق وهو شاب ، وغاب عنها مدة ثم رجع إليها ، فكان يعظ في الأعزية ، ثم وعظ بعد ذلك على الكرسي ، ورزق قبولا ، واكتسب بالوعظ مالا ، ثم خرج إلى العراق ، وأقام ببغداد مدة وأظهر الزهد ، وأظهر له بها سوق ، وكان يعرف ببغداد بالدمشقي ، ثم رجع في آخر عمره إلى دمشق ، ووعظ بها ونفقت سوقه ، ومع ذلك لم ينزل الواعظ في الأعزية.
وحكى بعض من حضر مجلسه أنه أتاه يوما صغير يتوب على يديه ، فأخذه ووعظه ، ووضعه على كتفه وقال :
فضج [٣] أهل المجلس بالبكاء ، وكان يظهر لكل طائفة أنهم منهم حرصا على التحصيل ، وحضرنا عزاء أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله في الجامع بدمشق حين أتانا الخبر بموته فقام في التعزية ورثاه بأبيات ، فخلع عليه صدر المجلس ثوبه ، فتذكر عادته في الكدية ، وعرّج عما كان فيه من التعزية إلى استدعاء موافقة الحاضرين له في خلع ثيابهم ، فخلع [عليه][٤] بعضهم ، وقال ذلك اليوم : أنا المعزي لا المعزي [٥] ، وذكر أشياء أضحك الحاضرين ، فقلت له بعد نهوضنا من العزاء : أخرجت العزاء عن معناه ، وجعلته مضحكة ، فقال من أراد التقرب إليه بقوله وأنه هو أضحك وأبكى ، فقلت له : لكلّ مقام مقال ، وليس هذا موضع هذا ، فسكت.
وحضرت مجلس وعظه يوما واحدا في المسجد الجامع ، فسمعته ينشد شعرا لنفسه لم يحضرني ذكره [٦].
[١] أخباره في خريدة القصر (قسم الشام) ٢ / ٩٢ وفوات الوفيات ٢ / ٣٠٠ والوافي بالوفيات ١٨ / ٢٦٦ وشذرات الذهب ٤ / ١٧٨.
[٥] كذا بالأصل ، وفي م : «المقرى لا المقرى» والعبارة في الوافي بالوفيات : فقال ذلك اليوم فيه العماد الكاتب : المعرّي لا المعرّي ، يعني بضم الميم لا فتحها.
[٦] انظر نماذج من شعره وردت في خريدة القصر ٢ / ٩٧ وما بعدها والوافي بالوفيات ١٨ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩.
اسم الکتاب : تاريخ مدينة دمشق المؤلف : ابن عساكر الجزء : 35 صفحة : 399