أجل صعب على المسلمين و ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، لأن لهم الأنوف العربية و النفوس الأبية و عز الاسلام، فيهم القرآن و فيهم رسول الله ((صلى الله عليه و آله))، لهم أيد شداد و سيوف حداد، و المشرفي المهند و الجأش الرابط، و هم رجال الحرب و فرسان الهيجاء و الحماة الكماة، يرون في هذا الصلح ذلة و دنية تأباها نفوسهم، إذ خفيت عليهم ثمرات الصلح و نتائجه، و منعتهم تلكم العلل و الموانع أن يفتكروا ما في مواد الصلح و منافعها، بل قد يطرأ على الإنسان من سورة الغضب و العصبية ما يمنعه من الاقدام على ما يعرف صلاحه و نتائجه، و لا تحتمله إلا النفوس القاهرة الغالبة على الأهواء و الميول.
نتائج الصلح:
1- أن الصلح صار سببا لائتلاف المسلمين و المشركين (و كانوا قبل ذلك لا يختلطون) فاختلطوا بعده و تفاهموا و أبصروا أحوال النبي ((صلى الله عليه و آله)) و أخلاقه الكريمة و معجزاته الشريفة، بل سافر بعض المشركين إلى المدينة و قدم بعض المسلمين إلى مكة، و خلوا بأهلهم و أصدقائهم و غيرهم ممن يستنصحونهم فسمعوا منهم و شاهدوا بأنفسهم معجزات النبي ((صلى الله عليه و آله))، و أعلام نبوته، و حسن سيرته، و جميل طريقته، فمالت أنفسهم إلى الإيمان، و بادر خلق منهم إلى الإسلام، و ازداد الآخرون له ميلا(1)و ما فتح في الاسلام قبله فتح كان أعظم منه حيث دخل في الاسلام في تينك السنتين مثل ما دخل قبل ذلك بل أكثر(2). و عن الصادق ((عليه السلام)) أنه قال في حديث: فما انقضت تلك المدة (أي: السنتين مدة.