كانت قريش تأبى أن يدخل عليهم رسول الله ((صلى الله عليه و آله)) للعمرة مع السيوف في القراب، لأنهم يرون ذلك ذلا شاملا و ضعفا بارزا بين العرب، و لا يقدرون على الحرب و القتال لفقرهم الاقتصادي، و لأنهم قد ملوا الحرب و قتل رجالهم، و لخلاف سيد الأحابيش كما مر، و أضف إلى ذلك أن خزاعة كانوا عيبة سر الرسول ((صلى الله عليه و آله)) و هم كانوا مع قريش بمكة، فلم يكن لقريش مناص عن الصلح، و مجال لاثارة الفتنة و إيقاد نار الحرب.
فاضطرت قريش إلى الصلح و المعاهدة، و أن يأخذوا لأنفسهم و لثاما، و ما كان همهم إلا ذاك بأن يرجع عنهم رسول الله عامهم هذا، لأنهم يعلمون أن في القتال الفناء، و قتل الرجال، و سبي الذراري، و يرون ذلك كله رأي العين، و لا يخفى ذلك على من تدبر كلام رسل قريش مع رسول الله و مع قريش.
فلما اجتمعت قريش على الصلح، بعثت سهيل بن عمرو و قالوا له: ائت محمدا فصالحه و لا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه رسول الله ((صلى الله عليه و آله)) مقبلا قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فلما انتهى سهيل إليه تكلم و أطال و تراجعا، ثم جرى بينهما الصلح