اسم الکتاب : حلية الأبرار في أحوال محمد و آله الأطهار(ع) المؤلف : البحراني، السيد هاشم الجزء : 2 صفحة : 290
فرأيت الصبر على هاتى أحجى لي، و في العين قذى، و في الحلق شجا، بين أن أرى تراث محمّد (صلى اللّه عليه و آله) نهبا، إلى أن حضرته الوفاة، فأدلى بها إلى عمر، فيا عجبا، بينما هو يستقيلها في حياته، إذ عهد بها و عقدها لآخر بعد وفاته، لشدّ ما تشطّرا ضرعيها، ثم تمثّل:
شتّان ما يومي على كورها* * * و يوم حيّان أخي جابر
فعقدها و اللّه في ناحية خشناء، يخشن مسّها و يغلظ كلمها، و يكثر العثار و الاعتذار فيها، فصاحبها منها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، و إن أسلس لها عسفت به.
فمني الناس لعمر اللّه بخبط و شماس، و تلوّن و اعتراض إلى أن مضى لسبيله، فجعلها شورى بين ستّة زعم أنّي أحدهم، فيا للشورى و للّه، متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّلين فأنا الآن أقرن إلى هذه النظائر، و لكن أسففت مع القوم حيث أسفّوا، و طرت مع القوم حيث طاروا، و أصبر لطول المحنة و انقضاء المدّة، فمال رجل لضغنه، و أصغى آخر إلى صهره، مع هن وهن، إلى أن قام الثالث، نافجا حضنيه بين نثيله و معتلفه منها، و أسرع معه بنو أبيه في مال اللّه، يخضمونه خضم الإبل نبتة الربيع، حتى انتكثت به بطانته، و أجهز عليه عمله.
فما راعني من الناس إلّا و هم رسل كعرف الضبع، يسألوني أبايعهم و أبى ذلك و انثالوا عليّ حتّى لقد وطيء الحسنان، و شقّ عطفا رداي، فلمّا نهضت بها و بالأمر فيها، نكثت طائفة، و مرقت طائفة، و قسط آخرون، كأنّهم لم يسمعوا اللّه يقول: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ[1] بلى و اللّه لقد سمعوها، و لكن راقهم دنياهم، و أعجبهم زبرجها.
أما و الّذي خلق الحبّة، و برأ النسمة، لو لا حضور الحاضر، و لزوم