اسم الکتاب : إعلام الورى بأعلام الهدى المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 1 صفحة : 545
فبك تثنّى الخناصر ،
فخبّرنا أيها البحر الخضمّ الزاخر ما الدليل على حدوث العالم؟
فقال له أبو عبدالله عليهالسلام : «من أقرب الدليل على ذلك ما أذكره لك
» ثم دعا ببيضة فوضعها في راحته ثمّ قال : «هذا حصن ملموم ، باطنه غِرقئ [١] رقيق يطيف به كالفضّة السائلة والذهبة
المائعة ، افتشك في ذلك؟»
قال أبو شاكر : لا شكّ فيه.
قال أبو عبدالله عليهالسلام : « ثمّ إنه ينفلق عن صورة كالطاووس ، اَدَخله
شيء غير ما عرفت؟»
قال : لا.
قال : «فهذا الدليل على حدوث العالم ».
فقال أبو شاكر : دللت يا أبا عبدالله
فاوضحت ، وقلت فاحسنت ، وذكرت فاوجزت ، وقد علمت أنّا لا نقبل إلاّ ما أدركناه
بأبصارنا ، أو سمعناه بآذاننا ، أو ذقناه بافواهنا ، أو شممناه باُنوفنا ، أو
لمسناه ببشرتنا.
فقال له أبو عبدالله عليهالسلام : « ذكرت الحواس الخمس ، وهي لاتنتفع
في الاستنباط إلاّ بدليل ، كما لا تنقطع الظلمة بغير مصباح »[٢].
أراد عليهالسلام
أنّ الحواس لا توصل إلى العلم بالغائبات إلاّ بالعقل ، وإنّ الذي أراه من حدوث
الصورة معقول يوصل إلى العلم به بالمحسوس.
ومن ذلك : ما روي أنّه سئل عن التوحيد
والعدل فقال : «التوحيد أن لا
[١] الغرقئ : قثر
البيض الرقيق الذي تحت القشر الصلب. «الصحاح ـ غرقا ـ ١ : ٦١».