ثمّ كانت غزوة خيبر في ذي
الحجّة من سنة ستّ ـ وذكر الواقديّ : أنّها كانت أوّل سنة سبع من الهجرة [٢] ـ وحاصرهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بضعاً وعشرين ليلة ، وبخيبر أربعة عشر
ألف يهوديّ في حصونهم ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
يفتتحها حصناً حصناً ، وكان من أشدّ حصونهم وأكثرها رجالاً القموص ، فأخذ أبو بكر راية
المهاجرين فقاتل بها ثمّ رجع منهزماً ، ثمّ أخذها عمر بن الخطّاب من الغد فرجع
منهزماً يجبّن الناس ويجبّنونه حتّى ساء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
ذلك فقال : «لاعطيّن الراية غداً رجلاً كرّاراً غير فرّار ، يحبّ الله ورسوله
ويحبّه الله ورسوله ، ولا يرجع حتّى يفتح الله على يده».
فغدت قريش يقول بعضهم لبعض : أمّا عليّ
فقد كفيتموه فإنّه أرمد لا يبصر موضع قدمه. وقال عليّ عليهالسلام لمّا سمع مقالة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اللّهم لا معطي لما منعت ، ولا مانع
لما أعطيت».
فأصبح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واجتمع إليه الناس. قال سعد : جلست نصب
عينيه ثمّ جثوت على ركبتي ثمّ قمت على رجلي قائماً رجاء أن يدعوني ، فقال : «ادعو
لي عليّاً» فصاح الناس من كلّ جانب : إنّه أرمد رمداً لا يبصر موضع قدمه فقال : «أرسلوا
إليه وادعوه».
فاُتي به يقاد ، فوضع رأسه على فخذه ثمّ
تفل في عينيه ، فقام وكأنَّ عينيه جزعتان [٣]
، ثمّ أعطاه الراية ودعا له فخرج يهرول هرولة ، فوالله ما بلغت
[١] انظر : المناقب
لابن شهر آشوب ١ : ٢٠٤ ، دلائل النبوة للبيهقي ٤ : ١٧٢ ، ونقله المجلسي في بحار
الأنوار ٢٠ : ٣٦٣.