بلا دليل ، ورد الشرط إلى ما بعد عنه إذا لم يلق بما قرب ليس بعدول عن الحقيقة
ولا استعمال التوسع والتجوز في القرآن ، والخطاب كله مملوء من ذلك ، قال
الله تعالى « انا أرسلناك
شاهدا ومبشرا ونذيرا * لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه
وتوقروه وتسبحوه » [١]. والتسبيح ـ وهو متأخر في اللفظ ـ لا يليق الا بالله دون
رسوله.
ثم قال «
وأقيموا الشهادة
لله » [٢] أي لوجه الله خالصا لا للمشهود له ولا للمشهود عليه ولا لغرض من الأغراض سوى
إقامة الحق ودفع الظلم.
« ذلكم يوعظ به »
أي ذلكم الحث على إقامة
الشهادة لوجه الله ولأجل
القيام بالقسط يوعظ به « ومن يتق الله »
جملة اعتراضية.
(فصل)
وقد فسرنا الآيات
المتصلة بها إلى قوله تعالى « أسكنوهن من حيث سكنتم
من وجدكم » [٣] يقول الله مخاطبا لمن طلق زوجته بأمره أن يسكنها حيث يسكن
هو. وقد بينا أن السكنى والنفقة يجبان للرجعية بلا خلاف ، أما البينونة فلا
سكنى لها ولا نفقة عندنا الا إذا كانت حبلى. وهو مذهب الحسن. وقد روت
فاطمة بنت قيس عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : لا نفقة للمبتوتة [٤].
وقال الشافعي ومالك
لها السكنى بلا نفقة ، وقال أهل العراق لها السكنى
[٤] البت : القطع ، والمبتوتة
هنا بمعنى المقطوعة عن حبل النكاح ، لأنها بائنة لا يمكن الرجوع الا بنكاح جديد ، فكأن
عصمة الزوجية انقطعت تماما بينها وبين زوجها انظر النهاية لابن الأثير ١ / ٩٢.