responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الخصال المؤلف : الشيخ الصدوق    الجزء : 1  صفحة : 261

وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعَذِّبَ قَوْماً بِنَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ أَوْحَى إِلَى الْمَلَكِ الْمُوَكَّلَ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنَ الرِّيحِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا قَالَ فَأَمَرَهَا الْمَلَكُ فَتَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْأَسَدُ الْمُغْضَبُ وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا اسْمٌ أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَ‌ كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ وَ ذَكَرَ رِيَاحاً فِي الْعَذَابِ ثُمَّ قَالَ فَرِيحُ الشَّمَالِ وَ رِيحُ الصَّبَا وَ رِيحُ الْجَنُوبِ وَ رِيحُ الدَّبُورِ أَيْضاً تُضَافُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا[1].


[1]. قال الأستاذ الشعرانى في هوامش شرح الكافي:« هذا الحديث صحيح من جهة الاسناد، قريب من جهة الاعتبار، منبه على طريقتهم عليهم السلام في أمثال هذه المسائل الكونية. و المعلوم من سؤال السائل:« ان الناس يذكرون» أن ذهنهم متوجه الى السبب الطبيعي الموجب لوجود الرياح و منشأها و علة اختلافها في البرودة و الحرارة و غيرها.

و غاية ما وصل إليه فكرهم أن الشمال لبرودتها من الجنة، و الجنوب لحرارتها من النار.

فصرف الامام ذهنهم عن التحقيق لهذا الغرض اذ ليس المقصود من بعث الأنبياء و الرسل و انزال الكتب كشف الأمور الطبيعية و لو كان المقصود ذلك لبين ما يحتاج إليه الناس من ادوية الأمراض كالسل و السرطان، و خواصّ المركبات و المواليد، و لذكر في القرآن مكرّرا علة الكسوف و الخسوف كما تكرر ذكر الزكاة و الصلاة و توحيد اللّه تعالى و رسالة الرسل، و لورد ذكر الحوت في الرّوايات متواترا كما ورد ذكر الإمامة و الولاية و المعاد و الجنة و النار، و كذلك ما يستقر عليه الأرض و ما خلق منه الماء؛ مع أنا لا نرى من أمثال ذلك شيئا في الكتاب و السنة المتواترة الا بعض أحاديث ضعيفة غير معتبرة أو بوجه يحتمل التحريف و السهو، و المعهود في كل ما هو مهمّ في الشرع و يجب على الناس معرفته أن يصر الامام عليه السّلام بل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على تثبيته و تسجيله و بيانه بطرق عديدة غير محتملة للتأويل حتّى لا يغفل عنه أحد.

و بالجملة لما رأى الامام عليه السّلام اعتناء الناس بالجهة الطبيعية صرفهم بان الواجب على الناظر في أمر الرياح و المتفكر فيها أن يعتنى بالجهة الإلهيّة و كيفية الاعتبار بها و الاتعاظ بما يترتّب عليها من الخير و الشرّ، سواء كانت من الجنة أو من الشام أو من افريقية و اليمن، فأول ما يجب: أن يعترف بأن جميع العوامل الطبيعية مسخرة بامر اللّه تعالى و على كل شي‌ء-- ملك موكل به و أن الجسم الملكى تحت سيطرة المجرّد الملكوتى المفارق عن الماديات كما ثبت في محله« أن المادة قائمة بالصورة و الصورة قائمة بالعقل المفارق» و هذا أهمّ ما يدل عليه هذا الحديث الذي يلوح عليه أثر الصدق و صحّة النسبة الى المعصوم عليه السّلام.

ثمّ بعد هذا الاعتراف يجب الاعتبار بما وقع من العذاب على الأمم السالفة بهذه الرياح و ما يترتب من المنافع على جريانها و هذا هو الواجب على المسلم من جهة الدين إذا نظر الى الأمور الطبيعية».

اسم الکتاب : الخصال المؤلف : الشيخ الصدوق    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست