وَ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَ إِنِّي مِنْ بَعْدِ هَذَا لَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ فَتَكَلَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ مَا أَحَبَّكَ سَاعَةً قَطُّ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لِسَاناً ذَرَباً[1] فَقَلَّبَهُ كَيْفَ شَاءَ وَ إِنَّ مَثَلَكَ وَ مَثَلَهُ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ وَ ذَكَرَ بَيْتَ شِعْرٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ عَمْراً دَاخِلٌ بَيْنَ الْعَظْمِ وَ اللَّحْمِ وَ الْعَصَا وَ اللِّحَاءِ[2] وَ قَدْ تَكَلَّمَ فَلْيُسْتَمَعْ فَقَدْ وَافَقَ قَرْناً أَمَّا وَ اللَّهِ يَا عَمْرُو إِنِّي لَأُبْغِضُكَ فِي اللَّهِ وَ مَا أَعْتَذِرُ مِنْهُ إِنَّكَ قُمْتَ خَطِيباً[3] فَقُلْتَ أَنَا شَانِئُ مُحَمَّدٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ فَأَنْتَ أَبْتَرُ الدِّينِ وَ الدُّنْيَا وَ أَنْتَ شَانِئُ مُحَمَّدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ الْإِسْلَامِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ قَدْ حَادَدْتَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ قَدِيماً وَ حَدِيثاً وَ لَقَدْ جَهَدْتَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ جَهْدَكَ وَ أَجْلَبْتَ عَلَيْهِ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ حَتَّى إِذَا غَلَبَكَ اللَّهُ عَلَى أَمْرِكَ وَ رَدَّ كَيْدَكَ فِي نَحْرِكَ وَ أَوْهَنَ قُوَّتَكَ وَ أَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكَ نُزِعْتَ وَ أَنْتَ حَسِيرٌ ثُمَّ كِدْتَ بِجَهْدِكَ لِعَدَاوَةِ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ مِنْ بَعْدِهِ لَيْسَ بِكَ فِي ذَلِكَ حُبُّ مُعَاوِيَةَ وَ لَا آلِ مُعَاوِيَةَ إِلَّا الْعَدَاوَةَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ ص مَعَ بُغْضِكَ وَ حَسَدِكَ الْقَدِيمِ لِأَبْنَاءِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ مَثَلُكَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ
تَعَرَّضَ لِي عَمْرٌو وَ عَمْرٌو خَزَايَةٌ
تَعَرُّضَ ضَبْعِ الْقَفْرِ لِلْأَسَدِ الْوَرْدِ
فَمَا هُوَ لِي نِدٌّ فَأَشْتُمَ عِرْضَهُ
وَ لَا هُوَ لِي عَبْدٌ فَأَبْطِشَ بِالْعَبْدِ
فَتَكَلَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَطَعَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ يَا عَمْرُو مَا أَنْتَ مِنْ رِجَالِهِ فَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ وَ إِنْ شِئْتَ فَدَعْ فَاغْتَنَمَهَا عَمْرٌو وَ سَكَتَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ دَعْهُ يَا مُعَاوِيَةُ فَوَ اللَّهِ لَأَسِمَنَّهُ بِمِيسَمٍ يَبْقَى عَلَيْهِ عَارُهُ وَ شَنَارُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَتَحَدَّثُ بِهِ الْإِمَاءُ وَ الْعَبِيدُ وَ يُتَغَنَّى بِهِ فِي الْمَجَالِسِ وَ يُتَحَدَّثُ بِهِ فِي الْمَحَافِلِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَا عَمْرُو وَ ابْتَدَأَ
[1]. الذرب: سليط اللسان، و الجاد من كل شيء.
[2]. اللحاء: قشرة الشجرة أو العصا مثل يضرب في المتصافيين المتحابين لا يحسن ان يدخل الإنسان بينهما بشر. و في المثل« و لا تدخلن بين العصا و لحائها».
[3]. هذا وهم من الراوي لان الآية نزلت في أبيه العاص بن وائل السهمى.