responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد    الجزء : 7  صفحة : 17

يقال له أ لست القائل في مصنفاتك‌الكلاميةإن المندوبات إنما ندب إليها لأنها كالمسهلات و الميسرات لفعل الواجبات العقلية و أنها ليست ألطافا في واجب عقلي و أن ثوابها يسير جدا بالإضافة إلى ثواب الواجب فإذا كان آدم ع ما أخل بشي‌ء من الواجبات و لا فعل شيئا من المقبحات فقد استحق من الثواب العظيم ما يستحقر ثواب المندوب بالإضافة إليه و مثل هذا لا يقال فيه لمن ترك المندوب إنه قد خاب أ لا ترى أن من اكتسب مائة ألف قنطار من المال و ترك بعد ذلك درهما واحدا كان يمكنه اكتسابه فلم يكتسبه لا يقال إنه خاب .

و ثالثها أن ظاهر القرآن يخالف ما ذكره لأنه تعالى أخبر أن آدم منهي عن أكل الشجرة بقوله‌ وَ لاََ تَقْرَبََا هََذِهِ اَلشَّجَرَةَ فَتَكُونََا مِنَ اَلظََّالِمِينَ و قوله‌ أَ لَمْ أَنْهَكُمََا عَنْ تِلْكُمَا اَلشَّجَرَةِ و هذا يوجب أنه قد عصى بأن فعل منهيا عنه و الشريف المرتضى رحمه الله تعالى يقول إنه عصى بأن ترك مأمورا به .

قال المرتضى رحمه الله تعالى مجيبا عن هذا إن الأمر و النهي ليسا يختصان‌ [1] عندنا بصيغة ليس فيها احتمال و اشتراك و قد يؤمر عندنا بلفظ النهي و ينهى بلفظ الأمر و إنما يكون النهي نهيا بكراهة المنهي عنه فإذا قال تعالى‌ لاََ تَقْرَبََا هََذِهِ اَلشَّجَرَةَ و لم يكره قربهما لم يكن في الحقيقة ناهيا كما أنه تعالى لما قال‌ اِعْمَلُوا مََا شِئْتُمْ [2] وَ إِذََا حَلَلْتُمْ فَاصْطََادُوا [3] و لم يرد ذلك لم يكن أمرا به و إذا كان قد صحب قوله‌ لاََ تَقْرَبََا هََذِهِ اَلشَّجَرَةَ إرادة ترك التناول وجب أن يكون هذا القول أمرا و إنما سماه منهيا و سمى


[1] التنزيه: «أما النهى و الأمر معا فليسا... » .

[2] سورة فصلت 40.

[3] سورة المائدة 2.

اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد    الجزء : 7  صفحة : 17
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست