responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد    الجزء : 7  صفحة : 15

تارك مثل ذلك لا يطلق عليه أنه عاص و يبين ذلك أن لفظ العصيان في‌اللغةموضوع للامتناع و لذلك سميت العصا عصا لأنه يمتنع بها و منه قولهم قد شق العصا أي خرج عن الربقة المانعة من الاختلاف و التفرق و تارك الندب لا يمتنع من أمر لأن الأمر الندبي لا يقتضي شيئا اقتضاء اللزوم بل معناه إن فعلت فهو أولى و يجوز ألا تفعل فأي امتناع حدث إذا خولف أمر الندب سمي المخالف له عاصيا و يبين ذلك أيضا أن لفظ عاص اسم ذم فلا يجوز إطلاقه على تارك الندب كما لا يسمى فاسقا و إن كان الفسق في أصل اللغة للخروج .

ثم يسأل المرتضى رحمه الله تعالى عما سأل عنه نفسه فيقال له كيف يجوز أن يكون ترك الندب معصية أ و ليس هذا يوجب أن يوصف الأنبياء بأنهم عصاة في كل حال و أنهم لا ينفكون عن المعصية لأنهم لا يكادون ينفكون من ترك الندب‌ [1] .

و قد أجاب رحمه الله تعالى عن هذا فقال وصف تارك الندب بأنه عاص توسع و تجوز و المجاز لا يقاس عليه و لا يعدي عن موضعه و لو قيل إنه حقيقة في فاعل القبيح و تارك الأولى و الأفضل‌ [2] لم يجز إطلاقه في الأنبياء إلا مع التقييد لأن استعماله قد كثر في فاعل القبائح فإطلاقه عن التقييد موهم .

ـلكنا نقول إن أردت بوصفهم بأنهم عصاة أنهم فعلوا القبيح فلا يجوز ذلك و إن أردت أنهم تركوا ما لو فعلوه لاستحقوا الثواب و لكان أولى فهم كذلك .

كذلك يقال له ليس هذا من باب القياس على المجاز الذي اختلف فيه أرباب‌أصول الفقه‌لأن من قال إذا ترك زيد الندب فإنه يسمى عاصيا يلزمه أن يقول إن عمرا إذا ترك الندب يسمى عاصيا و ليس هذا قياسا كما أن من قال لزيد البليد هذا


[1] تنزيه الأنبياء 10.

[2] من تنزيه الأنبياء.

اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد    الجزء : 7  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست