اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 19 صفحة : 56
و قيل لحكيم لم لا تغتم قال لأني لم أتخذ ما يغمني فقده .
و قال الشاعر
فمن سره ألا يرى ما يسوءه # فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا.
و قال أصحاب هذا الشأن القناعة من وجه صبر و من وجه جود لأن الجود ضربان جود بما في يدك منتزعا و جود عما في يد غيرك متورعا و ذلك أشرفهما و لا يحصل الزهد في الحقيقة إلا لمن يعرف الدنيا ما هي و يعرف عيوبها و آفاتها و يعرف الآخرة و افتقاره إليها و لا بد في ذلك من العلم أ لا ترى إلى قوله تعالى قََالَ اَلَّذِينَ يُرِيدُونَ اَلْحَيََاةَ اَلدُّنْيََا يََا لَيْتَ لَنََا مِثْلَ مََا أُوتِيَ قََارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ `وَ قََالَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوََابُ اَللََّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صََالِحاً وَ لاََ يُلَقََّاهََا إِلاَّ اَلصََّابِرُونَ [1] .
و لأن الزاهد في الدنيا راغب في الآخرة و هو يبيعها بها كما قال الله تعالى إِنَّ اَللََّهَ اِشْتَرىََ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ [2] الآية .
و الكيس لا يبيع عينا بأثر إلا إذا عرفهما و عرف فضل ما يبتاع على ما يبيع