اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 349
إلى عثمان بسبب تغيير ابن أبي سرح أوقات الصلاة ليتعرّف عن طريق هذا الأسلوب على مخالفيهم.
فالحكّام- و كما قلنا- كانوا يريدون التعرّف على من يخالفهم في الرأي بتأكيدهم على بعض المفردات العباديّة المختلف فيها بين الصحابة، إذ أنّ الملتزم بخطّ السنّة النبويّة لا يمكنه- رغم كلّ الظروف- أن يتخلّى عمّا يعتقد به إلّا أن تكون حالة خاصّة تستوجب التستّر دفعا للتهلكة عن النفس.
و عليه فقد عرفت انّ الدعوة للأخذ بالأحكام السلطانية و اتّباع الحاكم «و ان ضرب ظهرك و أخذ مالك» هي دعوة سلطويّة بذرت نواتها في أواخر عهد الشيخين و عهد عثمان، ثمّ نمت في العهد الأمويّ، و نضجت في العهد العبّاسيّ.
و يؤكّد هذا المعنى قضايا كثيرة منها دعوة عبد اللّٰه بن عمر الأمّة إلى الأخذ بفقه عبد الملك بن مروان، و كلام سعيد بن جبير عن رجاء بن حياة- أحد الفقهاء السبعة في العهد الأمويّ- و قوله: و لكن كنت إذا حرّكته وجدته شاميّا يقول قضى عبد الملك بن مروان بكذا و كذا.
و أنّ منادي الدولة الأمويّة كان ينادي: أن لا يفتي إلّا عطاء بن رباح، و منادي الدولة العبّاسيّة: ألا لا يفتي الناس إلّا مالك بن أنس و ابن أبي ذؤيب.
و منها إرسال نافع الديلمي مولى ابن عمر إلى مصر ليعلّمهم السنن، و تصدّر سليمان بن أبي موسى و مكحول للإفتاء بدمشق، و ما قاله الذهبيّ عن عبد اللّٰه بن ذكوان و انّه: ولي بعض أمور بني أميّة.
و بهذا اتّضح بأنّ الحكّام كانوا يستغلّون الشريعة لمصالحهم السياسة و لكشف المخالفين، و انّ العبّاسيين كانوا أذكى في تعاملهم في هذه المسألة من الأمويين حيث كانوا يفرضون آراءهم تحت غطاء البحوث العلميّة و المناقشات الحرّة ليتصيّدوا في الماء العكر.
مطارحة بين الصادق و أبي حنيفة
نقل الإمام أبو حنيفة قصّة حواره مع الإمام جعفر بن محمّد الصادق فقال:
قال لي أبو جعفر المنصور: يا أبا حنيفة انّ الناس قد فتنوا بجعفر بن محمّد فهيّئ
اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 349