كانت هذه سياسة العبّاسيين في بدء الأمر، لكنّا نراهم ينحرفون عن هذا النهج، فصاروا لا يسمحون لشيعة عليّ بالتحديث [2] عنه و عن رسول اللّٰه! و في نفس الوقت يدّعون أنّهم هم آل محمّد الذين أكّد الرسول على محبّتهم، و المطالبة بحقّهم. جاء في خطبة أبي العبّاس السالفة الذكر:
(يا أهل الكوفة، أنتم محل محبّتنا، و منزل مودّتنا، أنتم الذين لم تتغيّروا عن ذلك، و لم يثنكم ذلك تحامل أهل الجور عليكم، حتّى أدركتم زماننا، و أتاكم اللّٰه بدولتنا، فأنتم أسعد الناس بنا، و أكرمهم علينا، و قد زدتكم في أعطياتكم بمائة درهم [3]).
و هو ممّا يؤكّد على هذه الحقيقة، فإنّه بعد ما طرح أسلوب اللين أردفه بالأسلوب التوعّديّ و التوبيخيّ فأخذ يقول: أنا السفّاح المبيح، و الثائر المبير ..
بهذا الأسلوب سعوا للسيطرة على الأمّة و ساقوهم إلى ما يريدون. و إنّ استغلال الشرف الهاشميّ كان أنجح أسلوب اتّبعوه في سياستهم، و لم يكونوا كالأمويين في تعاملهم مع أولاد عليّ، بل تستّروا بقناع الدعوة إلى أهل البيت و الدفاع عن حقوق المظلومين، ثمّ ادّعوا أنّهم أهل البيت و أخذوا في تحريف
[2] انظر: الكامل في التاريخ و تاريخ بغداد و مقاتل الطالبيين: ص 362 و غيرها من كتب التاريخ و قد وقفت على دور الأمويّين قبل ذلك و للمزيد انظر الكامل 3: 430.